سيادة العميد في سجن الحديد

تيسير ق. الشاكر

[email protected]

دخل المحقق وجلس على طاولة التحقيق، وبدأ بطرح أسئلته عن أصلي وفصلي وحياتي حتى ظمئ منه الريق. وبعد أن لم يأخذ مني ما يريد، نفض يديه ونخر كشيطانٍ مَريد. ومضى إلى المعلِّم الكبير، ليسلِّمه التقرير.

وبعد أيام طويلة من التردد عليهم، والذهاب والمجيء إليهم: أدخلوني على سيادة العميد، وهو متربع في صرحه العتيد. وبعد استفسارات كثيرة، وتشتت وحيرة، طلب كل المعلومات عن قريبي المهاجر، الذي منعوني من السفر من أجله وكبَّدوني المخاطر.

فأخبرته أنه لا علاقة لي ولأهلي بكونه ممن تسمونهم بالفارِّين، فأنا شخص مستقل عنه وعليكم أن تشطبوا اسمي من هذه الدواوين!

فابتسم ابتسامة المُغضَب، وحمل باكيته وسحَب، وقال: انتهى الحديث معك، ولو ما جبت المعلومات ما بطالعَك!!

فخرجت من فرع المخابرات حزينا، وأحسست أني صرت في وطني رهينا. وسرت أحدِّث نفسي: شو "ما تطالعني"؟! شو شايفني؟ عبد من عبيدك يا جنِّي؟!

 وعُدت بجوابهم إلى الأهل، فهِمنا على وجوهنا نبحث عن حلّ...

ولم يمضِ الليل حتى دبَّر لي ورقة السماح بالمغادرة، من هذه الأرض المصادَرة....

سافرت وعُدت بعدها كثيرا، وفي كل مرة كنت أذوق في الفرع ظلماً مريرا.

وبعد مدة، صحا أهل الحي على صيحةٍ مرتدَّة:

مسكوا العميد، على الحدود، وهو يهرِّب عملةً صعبة!!

فقلت: لم تنتهِ اللعبة أيها المنادي.. لم تنته اللعبة!

ثم أنشدت لهم في ذلك شعراً:

مَسَكُوا العميدَ على الحُدودْ
وغـداً سـيـأتـي iiمِثلُهُ
يـا  مَن أذَقتَ النَّاسَ مُرًّا
أعَـلِـمتَ  ما قال iiالذينَ
"  نـحـنُ الـذينَ iiبحُبِّنا




ورمَوهُ  في سجنِ iiالحَديدْ!
فـي  ظلمهِ، أو قد iiيَزيدْ!
ذُقْ مِـن الـقَيْحِ iiالصَّدِيدْ
نُـفـوا وشرَّدَهُم iiقُرُودْ؟:
يـومـاً سنقتحِمُ الحُدودْ ii"