قصص قصيرة

حسين راتب أبو نبعة

[email protected]

جامعة الملك عبد العزيز

كلية المعلمين بمحافظة جدة

مناقشة دامعة

حاول أن يقنع زوجته الاولى بأهمية وجود امرأتين في حياة المرء , فهناك ثنائية لم تخلق سدى , وهناك رئتان و كليتان و عينان تدمعان معاً و اذنان.

- ثمة قلب واحد !

- سقطت دمعتان بعد أن باءت جهوده في الاقناع بالفشل.

الصقر و الموعد

عنز جبلي يتحسس خطاه عبر ممرات جبلية وعرة لأنه يدرك هول المصير اذا ما أخطأ ظلفه المكان فسيهوي الى أعماق سحيقة تكون فرص النجاة فيها معدومة. يقضم بعض الحشائش و النباتات البرية والازهار على عجل . الأجواء ربيعية و السماء تخلو من الغيوم في تلك اللحظات.

فجأة تغمره ظلال لم يعهدها...ينقض عليه صقر ضخم و يهم برفعه قليلاً ثم تتعثر خطوات العنز فيدفعه الصقر الجائع للأمام ليتهاوى كريشة في ليل عاصف... يحلق ثانية ثم يهبط الى القاع عنز يتضرج في دمائه و يلفظ أنفاسه الأخيرة ليجد و هو في النزع الأخير أنه كان على موعد مع صقور جائعة صغيرة...!

البقرة

استقر بها المقام في بيت حجري قديم يسمى" سقيفة"تقتات فيه من أعشاب جافة أو بعض الحبوب . كانت تمتاز عن الأبقار الأخرى بغزارة لبنها و جمال ملامحها, و خوفاً من الحسد الذي تشتهر به جماعات من نساء القرية- لم تكن صاحبتها تحلبها أمام أحد بل تنزوي بها في ركن قصي بعيد عن العيون .

كانت ربة البيت من النوع العصامي الحريص , و على مدار أشهر تمكنت من توفير أثمان الحليب وتعزيز موقفها المالي ببعض ما تكسبه من بقالة صغيرة كانت تديرها في أوقات فراغها.وأمام الاموال المتراكمة لم تجد مكاناً تخفيه في منزلها المضياف ,اذ أن خزانتها ليس لها قفل لم تجد مفراً من أن تدس الدنانير خفيةً في خرقة تضعها في ثقوب البيت الحجري!

انشغلت عن بقرتها الحلوب ذات يوم قائض فلم تضع أمامها علفاً كافياً...أصابها جوع , ولما لم تستطع أن تخرج من عقالها بدأت تبحث داخل البيت الحجري عن شيء تأكله فالتهمت الخرقة و ما بها من أموال قيل انها بلغت ألف دينار عداً و نقداً. تدخل ربة البيت و في يدها دلو ماء و بعض الأعلاف. صعقت لرؤية بعض قصاصات من الدنانير التي التهمتها ملقاة على الأرض فأشبعت نفسها لطماً و شقت الجيوب حزناً ثم انثنت على البقرة ضرباً.

هرع الزوج على صوت النحيب..كانت الزوجة على الأرض تهيل التراب على رأسها

قال الزوج الحكيم: نذبح البقرة ونستخرج الاموال !

نظرت اليه زوجته والحزن غمامة تغشي ناظريها وعادت بعد قليل وفي يدها سكين حاد  شهدت الساعات اللاحقة توزيع اكياس صغيرة من اللحم على ابناء القرية بأسعار زهيدة .

قال الراوي : لم يعثر الزوجان على شيء من الدنانير وبقي السؤال ماثلا  في عيني الزوج الجاحظتين :اين الدنانير؟