رباعيات الخريف

رباعيات الخريف

فاطمة بوزيان

[email protected]

www.fatimabouzian.jeeran.com

-1-

القلب وما يكره، وأنا كرهت حرف الخاء، منه تبتدأ كراهيتي للخريف واصفراره البارد، الخريف الذي يحول اشتعال ولهيب الصيف الى خمول،وجمر الأمسيات الىرماد ، منه أيضا كراهيتي للخيانة، الخيانة التي تفتح في القلب شرخا كبير وتتركه  مفتوحا الى الأبد،  منه كراهيتي لشجرة الخروب ، الخروب الذي لايثمر موزا ولاتفاحا، منه اشمئزازي من الخمر، الخمر الذي يرفعك في سكره الى سماء الانتشاء ثم يهبطك في صحوه الى أرض الاحباط، لاتملك سحر الخيرالدات أن تصالحني عليه، لا تملك بطولات خالد ابن الوليد ان تجمله لي ، حتى خوان لم يغسل جماله وبهاء قسماته كل الوساخة التي في حرف الخاء..القلب وما يعشق وأنا عشقت كل الحروف  الا الخاء،  من  الألف الذي لف  عمري في همزات الوصل، الى الياء الذي منه ياسمين، ابنتي،  تعبق لي، الىالحاء الذي منه  ابتدأت حياة  ، حواسي مفتوحة على حبه، و حياتي حالمة به، أقصد حرف الحاء…تملك ذبابة أن تقف على رأسه وتخدش نقاءه فتخلط بينه وبين الخاء، تملك فراشة أن تحوم حوله وتترك على وجهه ألوانها فيلتبس الأمر ،لكن لاحركة تمحو الحدود الثابتة بين الحاء والخاء ، لاتملك كل المؤامرات الصغيرة أن تخلط بين ضوء الحاء وعتمة الخاء، بين بخل الخاء وحاتمية الحاء، بين طهر الحاء ولوثة الخاء، لهم الظن ولي اليقين، لهم الكلام ولي الكبرياء ، والقلب وما يكره والقلب وما يعشق.

-2-

الفم المتشقق بالعطش ما الذي يمكن أن يصده عن الارتواء من النهر حين يكون عند نبعه؟  التفاحة المثقلة، المعلقة في الهواء،ماذا يمنعها أن تسقط في أسر الجاذبية؟ وهي ملتهبة، هي عطشى، اشتعلت ذات صيف واقتحم اليباس بئرها وما الذي يمنع أن تموه، أن تفتعل كراهية الخاء في خوان، ثم خوان ليس حرفا انه حروف الزين، حروفه متناسقة،  شفاهه مضمومة على الشهد ،عينيه غابات اشتهاء، وكلامه زخات مطر،نحن لا نتدخل بينها وبينه،لا نحقد عليها حتى، لها أن تشتهي، لها أن ترتوي، لكن لاتموه، لتكن صريحة، لتقول عمت وهانت، لا تفترس سقوطنا هي الساقطة قبلنا وبعدنا،لاتزعم انها امتلاء الصفاء الشاغر..لها أن تفتح عينيها في عينيه، لاتفتح عينيها في أعيننا، لتغض الطرف قليلا، لتمررالأمور، لتخلط بين الحاء والخاء، كلهاحروف، الحاء أقرع، والخاء بقبعة تقيه شر البرد، آه من البرد!

-3-

ماذا يملك رجل وحيد في بلد بعيد أن يفعل في سماوات تحط  نجومها في يديه، أفتح يدي وأفلت منها النجوم ؟هذيان !  أظل سماء متعالية؟  غباء! ..لأكن أرضا واطئة متواطئة ، ، أنا رجل يؤمن بحوار الحضارات و اندماج الأجساد وهمس الأرواح، أفهمها، لتكره اسمي، لتقل لي يا  أنت،يا سيد ،حافية، جافة، مافي العين لاتغفله العين، و ما لايقوله الكلام يقوله الصمت، وانا قارىء كل القارات ماذا يمنع أن أقرأ امرأة؟..أنا سفينة وهي ميناء، ماذا يمنع أن أرسو فيه حين يتعبني الهيجان؟..أن تلمسك امرأة ليس معناه أن تمد أصابعها اليك، النظرة  لمس، والشهقة حين تباغت تردد الأنفاس قربك، بوح ، وامرأة تحدثك عن اعجابها بزوجتك أنت، تريد في النهاية قياس مدى اعجابك أنت ، امرأة تصف لك عشقها لزوجها، هي تعلن بين السطوركم تجيد العشق ، لها أن تكون وقورة، الوقار يجعلني أتذوقها أكثر، لها أن تصدني، الصد يؤجج انتظاري أكثر،لها ان تتغطى ذاك يوسع احتمالاتي فيها أكثر، هي سحرالشرق، هكذا أهواه ،مفتوحا على البراءة مضموما على الفداحة، عذب في براءته، عذب في فداحته،نسمة واحدة تكفي ليتحرك الهواء الراكد في القلب وتتوهج الشرارة.وأنا أكره الهواءات الراكدة، أكره القلوب الكامنة، الغربة خريف،  وأنا  ليس لي في خريفي هنا سوى أن أقرأ، أن أجيد القراءة، ليس سواها يقيني البرد، آه من البرد !

-4-

اليقظة التي تنغرز فجأة في أحلامك ،غير أحلام اليقظة، وأن تدرك دروة حياة ماحولك كما علمتك كتب الاحياء ودروس البيولوجيا، ليس معناه انك تنتبه بالضرورة لما يحدث فيك، حين تسقط أوراقك في الخريف وترى نفسك علىرصيف العمر تعبث بك أصابع الشك، تفهم اصرار الامهات والجدات ،الحاحهن على تزويجنا بمجردما يستفحل زغب الوجه في الامتداد، ربما قد تشتعل ذات صيف، ربما، لكن الخريف حين يصل عمرك، يربك احتمالاتك ..وقد تخلط أوراق اليقين بالشك فتضيع أكثر..الربيع يأتي في دورة العمرمرة واحدة، حين لاتدركه سريعا يدركك الضياع، ماذا يجديك حينها أن تتحول الى مخبر في بيتك؟  لاتفتش، لاتسأل عما يحزنك...حين تكون فارغا لاتقل كلمات لاتملأ،  واذا لم يكن لك وهج النار ليكن لك هدوء الرماد، اذا لم يكن لك اشتعال الحدائق ليكن لك صمت المقابر،لتصدق، صدق، هي تكره حرف الخاء ،منه تبتدأ كراهيتها للخريف واصفراره البارد، الخريف الذي يحول اشتعال ولهيب الصيف الى خمول، وجمر الامسيات الىرماد ، منه أيضا كراهيتها للخيانة، الخيانة التي تفتح في القلب شرخا كبيراوتتركه مفتوحا الى الابد،  منه كراهيتها لشجرة الخروب، الخروب الذي لايثمر موزا ولاتفاحا، منه اشمئزازهامن الخمر، الخمر الذي يرفعك في سكره الى سماء الانتشاء ثم يهبطك في صحوه الى أرض الاحباط ،لاتملك سحر الخيرالدات أن تصالحهاعليه، لا تملك بطولات خالد ابن الوليد أن تجمله لها، حتى خوان لم يغسل جماله وبهاء قسماته كل الوساخة التي في حرف الخاء،صدق، صدق أقصى ما في الصدق من اليقين ، اقصى ما في الصدق من الصدق ،لاتسقط في شر  الاحتمال ، شرالخريف، شرالبرد، برد البرد ، آه من البرد !