سلام
أحمد حمودة
كان مواء القط الشرس يسك آذانها . . جرذانا لاهية.. شغلت يومها كله بقرض ما يمكن قرضه، وتزاوج.. منشغلة عما حولها .
وارتعبت الفئران وعجزت عن مغادرة جحورها ومن تجرأ صار لعبة بين مخالب السنور الشرس...
وكان لابد من حل ..
اجتمعت الجرذان حائرة عاجزة، وعلت الأصوات تردد الشكوى والتذمر. . ولا حل ... وانفض الجمع البائس، ثم فقدت جرذان صغار أمها، وفقدت أم جرذانها الصغار، واشتد جوع الجميع، فقد أصبح القط الشرس لا يبرح مزبلة الحي مصدر غذاء الجرذان القاطنة في هذه الخربة.
ã ã ã
تملك الرعب الجميع، وكان ما ليس منه بد، انعقد الجمع، وعلت الأصوات متذمرة شاكية، ولم يعل صوت باقتراح حل.. وانفض الجمع ثانية دون نتيجة، وجمع ثالث، ورابع. . . وأخيرا علا صوت جرذ عرف من قبل بعجبه وتطلعه : " عندي الحل "!!
ومع استغراب الجرذان وشكوكها تساءلت وقد كسرها الجوع والخوف: " ما الحل؟؟ "
قال: " نعلق الجرس في عنق السنور العنيد " .
وانفض الجمع بائسا ساخرا في امتعاض .
ã ã ã
واستكت المسامع بمواء القط، ولعبت مخالبه بالجرذان، وصارت إلى أسوء حال، قابعة في جحورها جائعة خائفة، وتطل عليها بين الفينة والأخرى مخالبه المعقوفة الحادة.
وكان ما ليس منه بد.. اجتماع جديد .. واجتماع آخر.. و... ولم يجرؤ أحد على إبداء استعداده لتعليق الجرس ، وأخيرا.. علا صوت فرفر من جديد : " أنا أعلق الجرس في عنق السنور "
ولم تعجب الجرذان هذه المرة إذ كانت تبحث عن الخلاص .. علت الأصوات : " ليحيا فرفر والموت للقط الحقود".
ã ã ã
حمل فرفر على عاتقه الجرس، وتسلل خارج الجحر، ووقف هناك في انتظار القط الشرس .. وحين أقبل متهاديا يتقدمه شارباه المتحفزان كان العجب !! اقترب منه فرفر محييا، ودار بينهما كلام انتهى بانفراج أسارير السنور، ولم يعلق فرفر الجرس في عنقه، لكنه عاد إلى الجرذان الحائرة ليقترح عليها خطة سلام بينها وبين السنور..
قال: " نعطي السنور بعض ما يريد، وننال نصيبا من الأمن .. لابد من تنازل.. إنه أقوى منا "
وخرست الجرذان هزيمة ذليلة .. تعلن بحالها الموافقة في بؤس .
ã ã ã
مرت أيام على تنفيذ الخطة، وذات ليلة شديدة القر مظلمة سمع مواء غير مألوف لسنور، أطلت الجرذان في خوف وحذر من جحورها.. كان هناك قطان يشحذان مخالبهما في جذع شجرة يابسة .
* (من وحي كتاب "اقرأ" لبوكماخ رحمه الله)