الغرفة 418

أنس أبو عريش /الخليل

[email protected]

منذ أن بدأت الحرب على غزة لم تذق طعم النوم. إنها تسرق بعض الثواني فتنام وهي تمشي في ممرات المستشفى.وقفت على قدميها المنتفختين بعد سماعها الجرس يطرق طبلة أذنيها بشدة، شفتاها جافتان، جبينها اصفر، وتظهر على وجهها علائم التعب والإرهاق.

رفرفت جناحيها وتحركت في أعماق المستشفى وأزقة الأقسام و بواطن الغرف.حتى وصلت الغرفة 418 التي انطلق منها جرس الإنذار. وقفت أمام الباب تفكر:" ترى أي أم فجعت الآن بأطفالها؟!

في هذه الأثناء غشتها رائحة الفسفور الأبيض المتسربة من الغرفة، دخلت وهي ترتعش من قمة رأسها إلى أخمص قدميها، وجدت الغرفة مكتظة بجثث الأطفال المحروقين، والجرحى ممددين على الأرض غائصين بدمائهم. في هذه اللحظة سمعت أنة مجروحة.

انطلقت باتجاه الصوت. انه طفل صغير، لم يتجاوز ست سنوات. وجهه اسود من الحروق والدخان الذي خلفته القذائف، والدماء تتدفق من فمه. في هذه اللحظة تذكرت ابنها الوحيد الذي ينام الآن بعيدا عنها في البيت ولم تره منذ أربعة أيام، انعصر قلبها ألما ورعبا.

تقدمت إليه ببطء، لامست جبينه فوجدته بارداً، عندها أيقنت أن الطفل فارق الحياة. حملته بين ذراعيها ومشت به إلى غرفة الموتى وهي تتساءل:

-" ترى من هي أمك؟"

كان الممرضون والأطباء ينظرون إليها بحزن وفزع ويهمسون فيما بينهم:

-" يبدو أنها لم تعرف هويته!"

بعد لحظات سمع الناس صرخة مكلومة  هزت المستشفى كما لو أن صاروخا زلزلها.