طوابير النهضة
محمد مسعد ياقوت- باحث تربوي
بلطيم كفر الشيخ
يخرج من بيته مبكراً جداً من أجل لقمة العيش ..
يركب دراجته التي أكل منها الزمان وشرب ..
يحركها بكل نشاط .. رغم سنه الكبيرة ..
يمتطيها بمرونة رغم مرضه بالغضروف..
دائماً تكون صعبة في بداية سيرها ، ثم صرعان ما تصبح سريعة و سهلة جداً لاسيما بعد وصولها به إلى كشك الخبز العريق ..!
ينزل من فوق دراجته ، و يسندها إلى صندوق القمامة الحكومي الموجود أ و الموجودة بجانب كشك العيش ..
ثم يقف بكل خشوع في ذلك الطابور الضخم ليستكمل ما فاته من أذكار الصباح ..
هو لا ييأس أبداً من إمكانية الحصول على بعض أرغفة الخبز لا سيما في ذلك اليوم ، ون طال طابور العيش ..
ولكن مع الأسف مازال أول الطابور طويل جداً ، و المسافة من مكانه إلى نافذة المخبز وعرة ..وبشعة..
نعم بشعة ..
فالطابور يتحرك ببطيء السلحفاة.. ويزداد بطئه كلما تسلل بعض المغرضين في وسط الطابور ، دون أدنى مراعاة لشعور المواطنين الشرفاء الذين اصطفوا بنظام حضاري في الطابور واحترموا ضوابط وآداب هذا الطابور ..
و لكن الطابور يسير والكلاب تنبح ..
الطابور يسير ويمشي بهدوء ..
لكن لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس ..
اللصوص ينهبون حقوق المواطنين في الطابور ..
لكن اليأس لا يتسلل – ولو للحظة – إلى قلب الرجل ،
بل يزداد الحماس في قلبه ..
فيهتف - وهو يمشي في الطابور - الذي بدأ يتحسن نسبياً - :
لا لسرقة الطابور ..
لا لنهب حقوق المواطنين.في طابور العيش..!
ويتفاعل معه جل المواطنين من أول الطابور وحتى نهايته قرب الميدان :
لا للفساد ..
لا للظلم ..
عض قلبي و لا تعض رغيفي( وإن كان بالسم الهاري )..
ولا شك أن هذا التوجه الإصلاحي في طابور العيش يغضب هؤلاء اللصوص و الحيتان الذين ينهبون خيرات المخبز..ويأكلون حقوق المواطنين الطابورية ..
ولكن الأجواء السياسية في الطابور في تغير إيجابي وإن كان مضطرباً ..!
ولاشك أن هذه الصحوة دفعت من عجلة الطابور إلى الأمام .. وبات قضية الحصول على رغيف الخبز حلماً واقعياً .. سواء على صعيد طابور الرجال أو على صعيد طابور الجنس الناعم ..لاسيما بعد تجاوب الطابور النسائي وتفاعله مع تظاهرات طابور الرجال …
ولكن آهين من سلوك هؤلاء اللصوص .............
إنهم يتجهون نحو طابور النساء ..
شيء عجيب .. !
و سوأتها !!
إنهم ..يفعلون أشياء وقحة وحركات غير أخلاقية بالنساء وهن واقفات في طابورهن …!!!
هنا يضج الطابوران :
لا للفساد ..
لا للتحرش الجنسي ..
الله أكبر.. الإسلام هو الحل ..الله غايتنا ..الجهاد سبيلنا ..
رغيف الخبز حبيبنا ..
سر يا طابور على بركة الله ..
ويتقدم الطابور ويتقدم معه ذلك الرجل البطل الذي ُسرقت دراجته ..
يبدوا أن ساعة الظفر قد اقتربت..
لا .. بل ابتعدت فقد حان موعد اْذان الظهر بتوقيت القاهرة ..
وهنا يخرج صاحب المخبز من شرفة المخبز ليعلن القرار التاريخي الغاشم :
"العيش خُلص ..خلاص شطبنا " !