السيدة المحترمة نجوى...

نبيل عودة

كاتب , ناقد وصحفي فلسطيني – الناصرة

[email protected]l

قدمت سيدة محترمة تدعى نجوى شكوى للمحكمة ضد السيد منذر لأنه ضايقها ، وحاول ان يغريها بالمال لينال وطره منها ، وعندما فشلت محاولاته في الوصول الى اتفاق حول الثمن الذي تصر عليه نجوى ، وصفها بأنها مجرد خنزيرة.

في الدعوى المقدمة للمحكمة لم تسجل السيدة المحترمة نجوى ان السيد منذر لاحقها جنسيا ، وأسمعها كلمات غزل فاحشة ، الأمر الذي يعتبر مضايقة جنسية يعاقب القانون مرتكبيها بشدة.

السيدة المحترمة نجوى اكتفت في شكواها للمحكمة بأن تقول ان السيد منذر قال عنها خنزيرة أمام عشرات الأشخاص في الشارع ، وأكثر من مرة .. وهذا استعمال ل " اللسان السيء " وهو أمر يعاقب القانون مرتكبيه .. وان ذلك الحق بها أضرارا شخصية ومعنوية واجتماعية ومادية ، وعليه طلبت من المحكمة ان تجرم السيد منذر باستعمال اللسان السيء ضدها ،والزامه بدفع تعويض كبير لها ، حتى لا يكرر استعمال هذه الألفاظ النابية والمهينة بحقها وحق غيرها أمام الناس ، خاصة في أيامنا ، وأسم الخنزير صار رديفا لمرض الأنفلونزا الخطير ، الذي يقود الى الموت ، وعلامة سوء ووصمة عار تلاحقها وتخرب علاقاتها مع الناس . وشرحت للمحكمة كيف بدأت منذ اطلق عليها السيد منذر هذا اللقب المهين ، تستعمل سيارات الأجرة للتنقل ، خجلا من الظهور في الشارع والتعرض لنظرات وضحكات الناس الذين سمعوا منذر  وهو يشبهها بالخنزيرة .. وان التعويض المالي ضروري لسد نفقات مصاريفها الزائدة أيضا مثل أجرة استعمال سيارات الأجرة وغير ذلك من انخفاض زبائنها في معهد التدليك لأن الزبائن باتوا يجفلون من عدوى انفلونزا الخنازير ، بعد تشهير منذر الفظيع بوصفها بالخنزيرة . وان الأمر يجعلها تشعر كلما نظر اليها أحدهم بأنه يتخيلها خنزيرة .. لذا على المحكمة ان تعاقب منذر  وتلزمه بتعويضها ..

استمر التداول في المحكمة نصف سنة ، كما هي العادة في ايامنا . وعبثا حاول السيد منذر ان يشرح لسعادة القاضي ان الموضوع الأساسي مع السيدة المحترمة نجوى، كان خلافا ماليا ، اذ عرض عليها معاشرته ، أو تدليكه حسب التعابير المحترمة ، ولكنه من فئة اجتماعية متوسطة الحال .. ولا يستطيع ان يدفع مثل أصحاب الأموال.. ورفضت عرضه المعتدل وأصرت على تسعيرتها دون أعتبار لحالته المادية ، حتى اضطر من غضبه ان يفلت كلمة غير لائقة ، وهو يعتقد انه أخطأ بتسرعه ، ويعتذر ومستعد ان يدفع المبلغ الذي تطلبه السيدة نجوى المحترمة مقابل خدماتها العلاجية  ، ولن يماحكها مستقبلا حول الثمن ، ومهما حدث لن  يصفها مرة أخرى بالخنزيرة ،بل هي من أكثر النساء جمالا واحتراما ، ويرجو الصفح من السيدة المحترمة نجوى وانهاء الدعوى.

القاضي لم يقبل شهادة السيد منذر واعتبرها بعيدة عن مضمون الشكوى وحكم بتغريمه بمبلغ كبير جدا بسبب استعماله اللسان السيء بوصف السيدة المحترمة نجوى بالخنزيرة في مكان عام ، وتسبيب المضايقة الصعبة لها والحاقه الأضرار بعملها .

منذر حسب المبلغ برأسة وقال لنفسه انه يكفي لقضاء عشر ليال كاملة مع السيدة المحترمة نجوى..وليس مجرد ساعة من العلاج بالتدليك ...

عندما انتهى القاضي من قراءة قرار حكمه ، سأله السيد منذر:

-       سيدي القاضي ، هل يعني قرار الحكم  اني ممنوع الآن من وصف السيدة المحترمة نجوى بالخنزيرة ؟

-أجل ممنوع منعا باتا.

-وهل يعني هذا انه ممنوع ان اسمي الخنزيرة بالسيدة المحترمة نجوى؟

-       لا علاقة لذلك بالحكم ، مسموح ان تسمي الخنزيرة بالسيدة المحترمة نجوى او ما شئت من أسماء.هذا الأمر لا أرى فيه جريمة ، لأن الخنزيرة لن تعترض ولن تهان أن تسمى بسيدة محترمة وباسم نسائي.. حتى لو كان نجوى .

-       اذن سعادة القاضي ، حتى لا أتورط مرة أخرى ، بامكاني ان أستبدل مناداة الخنزيرة باسمها وان اناديها باسم السيدة المحترمة نجوى؟

-صحيح .. صحيح ...

وهنا التفت السيد منذر الى السيدة نجوى وقال:

-نهارك سعيد ايتها السيدة المحترمة نجوى.