مسافر بلا حذاء

مسافر بلا حذاء

شعر: محمد الخليلي

[email protected]

بعد أن عبث الإرهابيون بأمن المطارات, أصبح مألوفا لدى المسافرين تشديد التفتيش لدى دخولهم صالة المسافرين قبيل صعودهم الطائرة.

فبعض الدول اتخذت إجراءات معقولة في تفتيش المسافرين وأخرى تشددت أيما تشدد حتى أصبح المسافرون يتذمرون ويتأففون.

كل هذا حصل على كوكب الأرض, أما ما حصل في أحد المطارات على كوكب المريخ فأسطورة سطرت للتاريخ.

قبل المطار بفرسخ يوجد حاجز أمني يسأل المسافر عن وجهته ويدقق في جواز سفره وأمتعته ويسأل عما يلزم وما لا يلزم.

بعد أن يدخل المسافر باب المطار الرئيسي يفاجأ بحاجز أمني يدقق في جواز سفره و(فيزا) الدولة المسافر إليها.

بعيد ذلك يبدأ تفتيش الأمتعة, وهذا دأب متعارف عليه في عالم المطارات ويزيد عليهم كوكب المريخ في أن يطلب موظف الأمن من المسافر خلع حزامه وساعته وخاتمه ونظارته وهاتفه النقال و و و ......

ولكن ما هال المسافر حيران بن دهشان بعد أن خلع جميع ما ذكر أعلاه أن موظف الأمن طلب منه أن يخلع حذاءه ويمرره من خلال الجهاز الأمني الإلكتروني الفاحص لئلا يكون به ما يحمله( الإرهابيون) من مواد متفجرة وأسلحة يستعملونها في اختطاف الطائرات.

قرعت تلك الكلمات أذنيه, أغمض عينيه مرتين ثم فتحهما فقد ظن أنه يحلم, سأل الموظف مندهشا هل أخلع الحذاء أم السترة ؟ قال له بل الحذاء, كرر عليه حيران السؤال مرتين فأجاب الموظف الأمني بنزق أقول لك الحذاء يا أطرش.

خلع حيران نعليه و وضعهما على (قشاط) الجهاز الإلكتروني فمشى الحذاء في إباء وموظف آخر جالس على كرسي وأمامه شاشة يتفحص الحذاء يقدمه إلى الأمام تارة وإلى الخلف طورا.

وقف حيران على الطرف الآخر حافي القدمين يلسعه برد بلاط المطار الصقيل الذي يزهو بألوانه الخلابة ولمعانه الذي يضاهي المرآة. مرت جميع حاجيات حيران على الجهاز بسلام ولكن الحذاء لم يبن.

مرت أمتعة مسافرين كثيرين دخولا وخروجا عبر الجهاز وحذاء حيران لم يخرج بعد فتأكد ساعتئذ أن الجهاز قد ابتلعه, أو أن مؤامرة ما قد حيكت ضد حذائه.

مرت ساعة وساعتان وحذاء حيران تائه في مطار المريخ, ولما استيأسوا جميعا أن يعثروا عليه كان قد بقي لموعد طائرته التي ستغادر إلى نيويورك عشر دقائق. اتصل موظف الأمن مع قمرة الطائرة طالبا منهم تأجيل إقلاع الرحلة علهم يعثرون على حذاء حيران. مرت ساعة إثر ساعة، اجتمع طاقم المطار الأمني لبحث في مشكلة حذاء حيران ليبدلوه به آخر.

انتفض حيران غاضبا وقال لكبيرهم أرفض بشدة أن أشحذ حذاءً من عندكم فقال له الكبير وما الحل؟ قال حيران : أسافر حافي القدمين ولا أستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير.

على الرغم من أن كل عيون المسافرين كانت تنظر إلى حيران نظرة استغراب وهو يمشي في مطار المريخ حافي القدمين لكنه أعرب لقائد الطائرة عند صعوده إليها أنه يرغب في أن يشكو أمن مطار بلده المريخ للعم (سام) عندما يهبط في مطار نيويورك ليعلم العم سام الذي هُدِّم البرجان في بلده عن بكرة أبيهما أن سكان المريخ حريصون أكثر منه على أمن بلده.