النقاب
النقاب
بقلم : محمد الخليلي
صفق لها الجميع حين أعلن مشرف الرسالة وأعضاء الهيئة المناقشون نجاح أطروحتها لنيل درجة الماجستير في التاريخ . لقد كانت سعيدة جداً، ولكن سعادتها بلغت أوجها يوم أن قُبِلت مدرِّسة في الجامعة .
كانت الشابات قبل الشباب يتنافسن على الالتحاق بدراسة المواد التي تدرسها ليس لأنها محاضرة بارعة فحسب ،ولكن لأنها أوتيت حظاً كبيرا من الجمال،فقد كان الشباب يحجزون المقاعد الأمامية في محاضراتها ،وقد كتب عنها أحد طلاب قسم اللغة العربية شعرً فقال:
في حسن يوسف والأقمار والـفرقدان اشتكا من حَزَن بهما والـشـعـريـان لقد آذاهما أَوَد أمـا الـسها فلها من خَودها ألق والناس في وصفها لقد غدوا فرقا فـاتـنـتـي إنـني قد هدني ألٌم |
تغبطها
|
والـنجم يحسدها والشمس والشمس من حسنها خجلى وتعتذرُ والـبـدر من دنف يعنو ويستتر مـفـتونة والهوى قد شب يستعر في حبها قد غوت :الإنس والبشر فـلترحمي عاشقاً ما عاد يصطبرُ |
والقمرُ
كانت على درجة عالية من الأخلاق،ولكن طبيعة عملها وعلاقاتهامع الطلاب والطالبات تضطرها أن تبسم في وجوههم أحيانا أو أن تضحك مرات،ولكنها نهاية كل يوم تستغفر ربها عن كل بسمة أو ضحكة أو خلوة في مكتبها مع أحد طلابها.
تعرف فاتنة أنها رزقت جمالاً عظيما ولكنها محتشمة وتلبس جلبابا ساترا.لقد استفتت غير واحد من العلماء في شرعية كشف الوجه،ولا غضاضة في ذلك فهي أم لولدين وثلاثة أبناء ولا تفكر في الكلية إلا بما يخص العلم والتدريس.صحيح أنها ترى في أعين بعض الطلاب نظرات غادرة ،لكن نيتها حسنة وليست مسؤولة عمن ينظر من طرف خفي أو يختلس النظرات لواذاً. وأما هذا الطالب الشاعرالذي ينشر قصائده في مدح حسنها في مجلة الجامعة فإنه لم يذكرها بالاسم البتة. صحيح أن تقريرا قد جاءها من بعض الغيورات عليها أنه يقصدها ،لكن الله قد بث الغادات فوق هذه البسيطة فليست هي الخوْد الوحيدة ، وإن كان قال عنها طالبها:
مـاذا أقـول لقلبي إن جوى خفقا؟ مـاذا أقول لشمس أنت مبدعهـا؟ وأي طـب يداوي شرقة قــتلت |
|
ماذا أقول لخلاق إذا خلقـــــا؟ مـاذا أقـول لبدر قد غزا الأفقـا؟ إذا عـلـيـل بشهد الثغر قد شرِقا؟ |
انتهت السنة الدراسية،وجاء حفل التخرج،وكان لابد لها من حضور الحفل مع طلبتها.
حاولت جاهدة أن تعتذر عن التقاط الصور مع الطلبة ، ولكنهم أصروا على ذلك فنزلت عند رغبتهم .
وكانت الطامة الكبرى حينما علمت أن صورها قد وزعت في الكلية ، بل أصبحت تُتداول في كل الجامعة . وبدأ مزاد الصورة الصورة الواحدة بدينار وانتهى (بشلنغ).
ذهبت إلى الشيخ الجليل تستفتيه، فقال لها عليك أن تضعي النقاب ياابنتي ، وإن أعاقك قليلا عن عملك فاصبري . قالت : ألم تفتني سابقا بجواز كشف الوجه فأجابها قائلاً : لكل مقام مقال ،والفتوى تكون على قدر النص .
وفي بداية السنة الدراسية الجديدة فوجىء بها طلبتها متنقبة ،فبادرها المحبون بالتهنئة، أما الكاشحون فقالوا: لقد صبأت غادتنا .