دنيا الفراق
دنيا الفراق
بقلم : إلهام بيره جكلي
آه.. ما أقسى الفراق.. آه.. ما أقسى السجن.. وهل السجن إلا باب يُغلق بين الإنسان وبين من يحب؟!..هكذا كان يفكر ابن الأشهر العشرة وهو يودع خالته كل يوم جمعة لتذهب إلى عملها في دير الزور.. كانت تنظر من فتحة من الباب القديم إلى الداخل لترى عينين شهلاوين شاردتين متعجبتين.. وتسمع صوتاً حبيباً إلى قلبها.. آم.. آم... "إلهام" وتسمع دقات يد صغيرة
على هذا الباب.. وتكاد تعود إلى الداخل لولا صوت أمها يحثها على الإسراع لئلا تفوتها السيارة المسافرة.
وعندما تأتي كل خميس كان يتشبث بها ولا يريدها أن تقترب من الباب المشؤوم كَيلا يُحرم منها..
كان يوقظها صباحاً ويقول لها:
- آم بدي مسته "مسكة". آم بدي محة "لحمة" آم بدي موز.
وتلبي له طلباته على الرغم من احتجاج أمه الحامل..
"لا تتعبي نفسك معه، طلباته كثيرة".
فإذا اقتربت من الباب صاح محتجاً أو باكياً:
- آم لأ..
وكبر.. وعلم أن الباب ليس مذنباً فهذه خالته معه دائماً تخرج وتعود لتضمه وتلاعبه بكل ألعاب الأطفال.. كانت الملجأ عندما يغضب من أمه.. إنها لن تنسى أياماً ثلاثة قضاها عندها احتجاجاً على انشغال أمه عنه بالصغيرة.
عندها عرف أن ألم الفراق لا يسببه باب يوصد بيننا وبين من نحب، فقد يكون هناك شخص نحبه يفصل بيننا وبين من نحب.. فقد كان يحب أخته الصغيرة مع أنها كانت السبب في انشغال أمه عنه. فأين هو الآن؟!..
آه يا دنيا الفراق ما أقساك.