أسئلة

عبد العالي بنيس /المغرب

[email protected]  

ألتقط أنفاسي المترنحة هذا الصباح ،ألتف على نفسي وأروم  تأجيل الأجوبة، دراجتي النارية لم تعد تسعفني في مشاويري... البارحة كتبت صفحة جديدة في دفتر الذكريات الطفو لي وتكورت حول نفسي ثم أسلمتها لشخير ناعم وجاثم... !! تعجبني لكنة أسامة الجبلية وهو يستظهر آيات الذكر الحكيم..وتربكني أجوبة ذاكر الطفل الحالم ..أقارنه دوما بأطفال غزة ...مرة قال لي سي  المومني وهو بالمناسبة  مدير المؤسسة ..أطفال غزة دكاترة حتى قبل أن يدخلوا المدرسة..استوعبت كلماته وأنا مشدوه أمام تعبيرية أحمد، الطفل الغزي، الطافحة..ولم تسعفني الكلمات ...  وأنا انظر إليه تساءلت  لم كل هذا الإمعان في قتل الأطفال في أرض الرباط وسخرت من نفسي ومن جيلي المثقل بالسؤال....مللت من ترديد الأسئلة ...لم قال لنا أستاذ الفلسفة في الفصل السابع أن الأجوبة ليست مهمة بقدر السؤال ؟َ! ها أنا أطرح السؤال لكن بدون جدوى..  أمي تكره  أسئلتي المتكررة ..وأنا لا أفرق بين كرهها لأسئلتي وحبها لي...على مائدة الغداء استمعت هي كذلك إلى أجوبة احمد الغزي الفلسطيني  ولم تقرأ  عبارة كان ومازال على شاشة الجزيرة لأنها اكتفت ...أمي لاتقوا على مشاهد الدماء  والأشلاء ...لهذا طلبت مني تغيير القناة ذات الحزام الأحمرـ هكذا تسميهاـ  ...أطفئتُ التلفاز وخرجت مطوقا بالأسئلة ..اللعنة على سؤال بدون جواب...نزلت  الدرج  فتحت الباب ..خالد وعلي ورشيد الشلة يلعبون الكرة وسط الزقاق ويقهقهون/  يقهقهون ملء طفولتهم  وجميلة بنت جارتنا حليمة  تسترق نظرات خلف النافدة وشبان بسراويل منتفخة   يترنحون  على إيقاعات الرَاب عند نهاية الزقاق، أوزع عليهم نظرات حائرة ثم أتطلع إلى  السماء  فأرى بعض الغيم.. وبين الغيم والغيم  شمسا خجولة...  يوقظني صياح خالد : اقذف الكرة آسي عزيز .. أشهر ابتسامتي واقذف كرة مثقوبة و مكومة   

بالحجر هي إياها التي قذفت   البارحة .. يهرب الشقي خالد وشلته والقهقهات لا تفارقهم بعد أن أوقعوني في شركهم  ..رجلي اليمنى وحبي" للجلدة"   متواطئان معهم .. ونفسي الطفولية أيضا .. أترك الزقاق  وأرجع إلى أسئلتي ... أوزع التحيا  والابتسامات الفاقعة ثم انطلق إلى " السوبيريت" التي حولها صاحبها إلى مقهى ،  اتخذ جلسة معتادة في ركن قليل الإضاءة ، تلسعني برودة الكرسي .... أنظر من الباب الزجاجي فأرى شجرا وحجرا وأناسا يسرعون الخطى وأرى أوراقا متطايرة وبعضا من نور وسخات مطر.   أرشف ما تبقى من قهوتي  النتنة  وأدوس بقدمي عقب سيجارة رديئة ...ثم أؤدي ثمن النتن والرداءة إلى النادل متشحا بابتسامتي الفاقعة وأخرج وحيدا كالنعش  أمرر لساني على قطرات الماء  على شاربي.... يملئني/  يغمرني الماء ....الود بنفسي إلى محطة الحافلات...  تربكني كومة أطفال المحطة الدين يبحثون  في سلة قمامة " دا الحوس" صاحب  محلبة المحطة عن كسرة وبعض من سردين .. وتربكني وقاحة" الكورثي "وهو ينفث رداءته على فتاة  أصغر من أصغر بناته ..أسأله عن وجهة الحافلة الخمسينية،لا أحصل على إجابة.......أدوس على السؤال واصعد  في شبه سفر...