هكذا مات العم .؟

وائل مهدي _ استراليا _سيدني

 [email protected]

فجأة .. بدأت الناس مذعورة تهرب.!.. و العم الذي لايعرف سبباً لهذه الفوضى .. يمد  براسه عبر باب دكانه الضيق..مستطلعاً الحَدث..؟... يرى مد بشري هائج صوبة يتقدم .. مكتسحاً للشارع  ... ( ما الامر ..؟؟.. )

بدأت أصوات اللإستغاثة تُسمَعُ من كل صوبٍ و إتجاه

_ أيوم الحشر هذا ؟؟ يصرخ العم !

_اي يومِ حشرٍ ياعم؟ أسلم بذقنك.. أسلم بذقنك.. . ناداة احد الراكضين.

_انهم يحرقون اليابس و الاخضر يا عم .. إهرب!!...صرخ ثاني.

اما الثالث.. ففقد توازنه  اثناء الهروب.. يهوي بمقربة من دكان العم  و هو يصيح..

_اِنني انتهيت ..........اغيثوني يا ناس ..!!!

النيران  تلتهم السيارت المركونة جانب الشارع....وامام كل متجرٍ كان حشد يتجمَع معالجاً للاقفال....... يحطِم.

عبثاً حاول العم اغلاق دكانه المتواضع ، فالحال كان لا يبشِر بالخير ابداً..!.. ولكن الاوان  قد فاته.. ذلك الاستعراض الااِنساني وصل.....وجوههم  متقدة..أمًا عصيهم ، فتهوي على الرؤوس والابدان بلا شفقه.. !.

( العم الذي لا يملك غير ذلك الدكان مصدراً للرزق ، يعيل منة عائلتة و عائلة اخيه المرحوم، و امه العجوز الضريرة ..عصاً  هوت على رقبته فطرحتهُ ارضا).

_ مع من انت يا عدو الوطن ؟؟... هكذا بادروه بالسؤال؟؟...!

ولم يمهلوه الاجابة... العصي تنهال على راسه وجسمه من كل صوب وناحية  ..بينما الركلات فكانت تطحنة..

_ من انتم ..!؟..(يصرخ العم .. حاميا راسه بكلتا يديه )

_ألا تعرفنا يا بائع الضمير؟!! اتجهل  حماة الوطن ؟..!!..طبعا .. امثالك عبيد الدراهم لا يرون الا مصالحهم ،.. و نعطي ارواحنا نحن سخية للوطن..!!!

_ انا لست عدواً لأحد..اعيل عائلتي و ابناء اخي..!

_ايها الرأسمالي الوضيع.. أمثالك عالة على الوطن وعار عليه... تفوه...اِننا نحن الحق.. يا عدو الشرف لتفهم باننا نحن الحق، و ذلك المحمول على الاكتاف .. قائدنا..نفدية بالغالي و الرخيص......اننا نحن المعارضون.. نحن الغضب، واذا نزلنا للشوارع... فسيعلم امواتكم قبل احيائكم اي قوة نملك .. سنزلزل الارض والله تحت اقادمكم يا كلاب .. تفوه ..

و تُرك العم مسحوقاً تحت الاقدام يإنُ.. بعد ان نُهِب دكانه .. أوصَل نفسة الى دراه بصعوبه .. داميُ  البدن.. بالكاد يتنفس.

بعد ان ساد الهدؤ.. وعاد نبض الحياة  الى المدينة ولو بشكل ضعيف.. كان واجبا عليه فتح الدكان و الاسترزاق... ( ان البطون الجائعة ..أبداً لاتفهم الاعذار) ...

انفق ما كان قد ادخره لليوم الاسود..ان لم يكن اسود ..فكيف سيكون لون هكذا يوم ..؟؟ جهز الدكان من جديد .. وبدأ..

العم في دكانه واذا بالارض ترتجف مرة اخرى..؟؟! ذلك البركان عاد للشارع..

_ ما هذا يا اخوان ؟... من انتم؟؟

_ الا تعرفنا يا نذل ؟؟

موجة اقوى هذه المرة أتت.. ووجوهاً لم تصلي على الرحمن يوما .........

_الا تعرفنا  ايها  الخائن.. اننا نحن الحق.. الشرعيون نحن..  إننا المنتخبون من قبل الشعب هذا ... الويل لكم ..!!

_ ان المعارضون انزلوا بي الويل يا اخوان.. ( قال العم )..! اما انا فمعيلُ لعشرون فم و بطن .. ارجوكم ..لم اخن ابداً..!

_ ايها الاشتراكي العميل.. احدكم يعيل الآخر..والوطن هكذا  محمول على اكتافنا لا احد يعيله ؟؟.. تفوه .. يا شيبة السوء.

وكوره على الرصيف ككيس ممزق.. نهبوا ما رزقه الله، ومضوا....إنهم قوة كانت  لاتهاب شيئاً..

حملوه هذهِ المرة اولاد الحلال الى بيته.

الحال كان  يسوء ببيته..!.. و الجوع  لا يرحم... كان  ممدداً لا يقوى على الحراك..و كسور في جسده الظامر كثيره.. يسمع شكاوى بطون ابنائة  فيصك اسنانة مكابراً..

لكن  بعد ان ساد الهدؤ مرة اخرى.. توجب عليه العمل... هو رافدهم  الاوحد ، ماعساه ان يفعل . ..؟؟و كيف يتسنى اشباع  كل تلك الافواه  المفتوحة ؟؟.باع  بعضاً من حاجيات البيت و استدان قسما  لتجهيز دكانه.. وبدأ يعمل..مسحسلاً اقدامه صباحا.. عائِداً بالرغف في المساء .

اذا كانت الحكومة و المعارضة يضربانه و ينهباه؟؟  فلمن المشتكى ؟؟

غروبا وهو على وشك الاغلاق ..! شاكراً الكريم على رزقه.... واذا بعنفٍ مدمر يجوب الشارع من جديد .. انة الاعنف كان..! فالسيارات.. اما ان تسرق ، او تحرق في مواقفها..  والمحال التجارية.. تفتح .. لتنهب ..ثم تحرق..

_انت ايها الوغد العجوز....على جثث الشهداء تجلس، و تسترزق بدمائنا؟؟ تفوه على اصلك..

العم المبحلق بالحال  لم يفهم شيئا ..فصاح_ أأأ أنا يا اخوان ؟؟ أأأأمن انتم ؟؟

_ نحن المستقلون نحن ..اننا نسقي الوطن بدمنا ونجود.. صوتنا هو الامل .. وعزمنا للوطن .. وانتم يامن تستغلون الناس لمطامعكم.. فتفوه على شواربكم .. اننا  نحن الحق.. يا عجوز الخبث ؟؟؟تفوه على لحيتك............وجندلوه.....

في الغد ..وحين كان جثمان العم محمولا يشيَع ,ومن خلفة الايتام تبكي..كان صوت المذياع يصل بوضوح وهم يتكلمون عن مبادرات لوحدة وطنية بين الكتل السياسية.