الشقيقتان

عصام أبو فرحه

[email protected]

بينما كان يحمل حقائبه مسافرا استوقفه صوت يناديه :

ايها المسافر , هل تتجه شرقا ؟

نظر باتجاه الصوت وأذا بحسناء قد جمعت بعينيها جمال الدنيا ,

قال لها : نعم, الشرق وجهتي , فسلي حاجتك ؟

قالت : هي رسالة اود منك  تسليمها الى شقيقة لي تسكن شرقا , ستعرفها وحدك , لن تحتاج الى السؤال , ستعرفها حتما فأظنها بانتظارك ,,

مدت يدها اليه بالرساله , اخذها وعيناه محدقتان في عينيها  ,  حيث رأى فيهما حسنا وحزنا لم يرهما في حياته ,,

قال لها : ايزعجك لو سالتك ما خطبك ايتها الحسناء ؟

بدأت بالحديث وكأنما كانت متلهفة لسؤاله  كي تبوح بما يعتريها من حزن وخوف ,,

قالت : هل ستسمعني ام ان وقتك لا يسعفك كما يقول الاخرون ؟؟

جلس واضعا حقيبته  , وقال  لها : لن ابرح حتى اسمعك  ,,

قالت : كنا شقيقات كثر نعيش سويا باتفاق وتآخ , يجمعنا ماض جميل , متطلعات لغد مشرق ,

عصفت بنا رياح  الفرقة , فافترقنا , باعدتنا الاقدار ومزق البعد اخوتنا  ,

فالتفتت الينا العيون وطمع بنا الطامعون ,

هاجمتنا عصابات من القتلة في وضح النهار , نهبوا الارض و سلبوا العرض ,

كنت انا اولى السبايا واولى الضحايا بين شقيقاتي ,,

اختطفوني من اهلي وقومي ,, واغتصبوني امام ناظريهم ,,

صرخت , انتفضت , استغثت , وما من مجيب ,,

الخوف من العار والرغبة في تجنب الدمار اصم اسماع قومي عن صرخاتي وآهاتي ,,

بقيت وحيدة بين أغراب يدنسون عفتي كل يوم مرات ومرات ,,

حتى شقيقاتي شققن طريقهن متناسيات كربي ومصيبتي ,

لم اكف عن الصراخ ولن اكف عنه , لن استسلم لأمر واقع ,

فأنا مغتصبة ولن اكون بغيه ,,

قبل ايام حملت الي ريح شرقية اصواتا افزعتني ,,

عرفت صوت شقيقة لي , عرفته رغم ما انا فيه من كرب ,,

ايقنت بانها صرخات مغتصبة , فأنا من يعرف تلك الصرخات ,,

تم اغتصاب شقيقتي كما كان اغتصابي ,,

عرفت ان لا مجيب لصراخها واستغاثاتها ,,

فكتبت لها رسالتي وجلست هنا انتظر من يوصلها ,

كتبت لها : حبيبتي وشقيقتي , وصلني صوتك , فزاد جراحي جراحا ,

اصمدي يا اختاه , واصرخي يا اختاه , وقولي وامعتصماه ,

 لعل المعتصم يعود ,, لا بد ان يعود فقد حانت ساعة عودته ,,

لم تكمل الحسناء كلامها ففاضت عيناها بدمع تولى اكمال قصتها ,,

حمل رسالتها وحمل حقيبته ومضى مكملا رحلته ,,

تلاحقه كلماتها , ويطارده حسن عيونها ,

ابتعد عنها وابتعد , قطع مسافات باتجاه الشرق ناظرا في العيون , ومحدقا في الوجوه  عله يجد ما يدله على شقيقتها ,,

مع بزوغ فجر يوم جديد  , بدأ بسماع اصوات وصرخات كالتي اخبرته عنها تلك الحسناء  , سمع آهات وأنات واستغاثات  فسار متتبعا تلك الاصوات ,,

ليجد نفسه امام حسناء اخرى ,

نظر في عينيها ,

فرأى نفس الحسن وذات الحزن ,,

نظرت اليه محدقة وكأنها عرفت انه يحمل لها من شقيقتها خبرا ,,

اخرج الرسالة وقال  لها : اهي لك ؟؟؟

قالت : نعم هي لي ,,

اخذتها من يده ضمتها وقبلتها قبل ان تقرأها ,,

انتهت من قرائتها فضمتها الى صدرها من جديد

وصرخت :

 لبيك يا اختاه , وهذا صوتي مع صوتك فلنصرخ وامعتصماااااااااااه ,,

نظر الى الرسالة في يدها فرآها مكتوبة بالدم  موشحة بالسواد ,

اتراه حمل رسالة من القدس وأسلمها الى بغداد ؟؟؟؟؟؟؟