الزيتونة

صالح سعد يونس /ليبيا

[email protected]

(1)

جلس على الأرض مسنداً ظهره إلى الجذع الضخم .. رفع بصره إلى حيث تتعانق الأغصان وتتشابك فتتخذ بعضها من بعضٍ مساند تحميها من الإنحناء الشديد لكثرة ما حملت من ثمار .. بينما يعلو الحفيف ويهبط مع تموج الريح لكنه لا يهدأ .. ومن بين الأغصان المحملة بالأوراق الرقيقة والثمار المدورة والبيضاوية الصغيرة يطل ضوء القمر هابطاً على هيئة شرائط متفاوتة الأطوال والأعراض والإستقامة .. وأحد تلك الشرائط انعكس على صفحة وجهه اليمنى وهو يسند رأسه إلى الوراء فظهر الدمع مترقرقاً بعينه .. فى حين كان وجيب قلبه يعلو ويهبط بشكلٍ قوىٍ متسارع .

(2) 

تحت الضوء السماوى الفاتح يظهر الجذع الغليظ

مثخناً بالذكريات والرسومات التى كان يحفرها بقسوةٍ كلما أفرحت الأيام قلبه أو أطبقت على صدره الهموم بشدة .

كانت الزيتونة تبكى معه لكنه لا يأبه .. تحدثه ولا يسمع .. الليل والتراب والنجوم والقمر وحتى الريح سمعوها وذاقوا طعم دمعها اللزج .. تراخوا جميعاً منصتين لها وهى تقول له :

- أنت ولدى .. حضنتك منذ خروجك الأول .. على تربتى هذه لعبت وعبثت .. من ثمرى طعمت وشبعت .. هذه (( درجيحتك )) العتيقة مازالت تحز أغصانى .. لم أسمح لسواك بأن يركبها .. ولم أترك أحداً يزيلها .. تحت ظل وريقاتى كان مضجعك المريح .. وعلى جذعى الغليظ حفرت لوحاتك وكلماتك .. فى داخلى كل ما استودعت من أسرارٍ فخذ قلمك الحديدى المغروس فى جوفى وفتش فى ساقى عن مكانٍ يصلح لأن تحفر صفحةً أخرى.

 (3)

علا صوت الريح .. جحظ القمر .. تحرك التراب .. شخصت النجوم بيد أن الزيتونة أرخت أغصانها حتى كادت تنكسر لتهىء له الجو الملائم كى يبثها شكواه ويدمى ساقها ..!.

إستجاب لدعواتها برغم أنه لم يسمع .. جذب نفساً قوياً قبل أن يمد يده ليسحب قطعة الحديد المدببة المرشوقة فى خصر

الزيتونة .. تحسس بيديه باحثاً عن مكانٍ يصلح للحفر .. وحين لم يجد ارتقى الغصن الأول المتفرع جهة اليمين حيث ينسكب ضوء القمر بغزارة .. أنزل رجليه مهيئاً جسده باتزانٍ .. ثم بدأ الحفر .

(4)

إنسحب الليل وقد خمدت كل حركة .. توارى القمر كذلك ولملم الريح ذيوله .. زحفت الغابة كلها لتبك بصمت .. فيما

كان الخلق متحلقين حول الزيتونة يقطعون حبل الـ(( درجيحة )) العتيقة .. ينزلون الجسد الهامد الذى استحال قطعةً زرقاء بلا روح .. ويكومون الحطب حول الجذع المثخن بالجراح والذكريات .

              

بطـاقة تعريف

* صالح سعد يونس

* مواليد مدينة البيضاء – 1975

* حاصل على ليسانس آداب – جامعة عمر المختار – البيضاء – 1998

* العمل الحالى : موظف بقطاع التعليم (( محال إلى القوى العاطلة ))

* قاص وروائى  ومعد برامج إذاعية

* ص . ب 172 m البريد المركزى – البيضاء – ليبيا

* بريد إلكترونى : [email protected]

[email protected]  

[email protected]

* * *      * * *      * * *   

الكتب الصادرة :

1 – صور باهتة – قصص قصيرة – طبعة أولى – 2001

2 – الحجر الأصفر – قصص قصيرة – طبعة أولى – 2006

3 – أنثى الرحيق – قصص قصيرة  - طبعة أولى - 2007

المخطوطات :

1 – إمرأةٌ خاصمها القدر – رواية -  ] فى انتظار الطبع [

2 – البوح بتباريح العشق والوجع – خواطر -  ] فى انتظار الطبع [

3 – وردة الخريف – رواية

4 – مخالب القهر والجوع والعطش – رواية

5 – طقوس الحب والحرمان – رواية

6 – قطعة حلوى – قصص قصيرة -  ] فى انتظار الطبع [

7 – قاموس اللهجة البرقاوية – دراسة مقارنة مع اللغة العربية الفصحى

8 – حفنة من التبر – محاولة أولى للمعرفة

9 – مختارات من أقوالهم – حكم وأمثال وروائع 

10 – روائع التراث  - نظرة فى العادات والتقاليد والآداب والفنون والمقتنيات البرقاوية

البرامج الإذاعية التى نفذت :

1 – برنامج آفاق ثقافية – لإذاعة الجبل الأخضر المحلية المسموعة – 2006  - إعداد : صالح سعد يونس

2 – برنامج محطات قصصية – لإذاعة الجبل الأخضر المحلية المسموعة – (( قريباً ))

الصحف التى نشر بها النتاج الأدبى :

صحيفة الشلال – أخبار الجبل – أخبار القبة – أخبار المرج – الإرادة -   قاريونس – المشهد – الجماهيرية – الزحف الأخضر – العرب اللندنية – مجلة الثقافة العربية – مجلة الفصول الأربعة – مجلة المؤتمر

المؤتمرات والندوات :

تمت المشاركة بفاعلية فى معظم المهرجانات والندوات المحلية بالجبل الأخضر منها : مهرجان الوثيقة الخضراء بالبيضاء – الموسم الثقافى لشهر رمضان 2006 بالجبل الأخضر

محطات هامة :

الفوز بدرع التميّز حول أفضل مجموعة قصصية صدرت بليبيا خلال عام 2006 وذلك عن مجموعة ( الحجر الأصفر ) فى الإستفتاء الذى نظمته قناة الجماهيرية الفضائية بالتعاون مع قناة المعلومات عبر برنامج ( مع السهرانين ) خلال شهر رمضان 2006

مواقعى :

·  مدونة البوح بتباريح العشق والوجع :

www.wajaa.maktoobblog.com