صفر في الإنشاء

خطيب بدلة

طلبت معلمة اللغة العربية من طلاب الصف الخامس بمدرسة الشهيدة جميلة بوحريد أن يكتبوا موضوعاً عن المطر. ووضعت لهم رؤوس أقلام ليهتدوا بها أثناء الكتابة وهي:

مقدمة تصف شعور التلميذ حينما يهطل المطر وينقر على النافذة بحباته الجميلة.

الحديث عن أهمية المطر في ري التربة وغسيل أوراق الشجر وتغذية الآبار والمياه الجوفية المياه العذبة.

الاستشهاد بما يحفظ التلميذ من أقوال مأثورة وأشعار تشيد بالمطر وتحكي عن أهميته. خاتمة مناسبة.

وكان أكثر الموضوعات التي تسلمتها المعلمة غرابة ومدعاة للتأمل هو موضوع يبدؤه كاتبه بعبارة: أنا أكره المطر.

أخرجت المعلمة ورقة التلميذ من بين رزمة الأوراق الامتحانية وشرعت تقرؤها باهتمام شديد،

وفيها:

أنا أكره المطر. حارتنا ليست مزفتة، وبمجرد ما يهطل المطر تتحول الأتربة التي تغطي الزقاق والساحة إلى طين لزج، إذا دسنا عليه زحطنا ووقعنا على وجوهنا، وإذا لم نزحط فإننا نحمله بأحذيتنا إلى المدرسة, وهنالك يقف في وجهنا الآذن الضخم أبو وليد، ويوبخنا، ويقول لنا: - ارجعوا من حيث أتيتم.

ونحن بدورنا نتغامز ونندفع داخلين رغماً عنه، ووقتها يمسكني أنا بوصفي التلميذَ الأصغر حجماً بين الجميع، ويشدني من أذني حتى ليكاد يقطعها، ويعيدني من حيث أتيت.

وحينما يهطل المطر وأنا خارج الحارة لا يعلق الطين بحذائي، ولكن حذائي مخروق من أسفله، وسرعان ما تمتلىء فردتاه بالماء، ووقتها أمشي وأسمع صوت جقجقة الماء بداخلهما يقول: فش فش..!

وللمطر ذكريات سيئة لدينا أنا وإخوتي، فالوالد يمنعنا من تشغيل المدفأة حينما يكون هو خارج

البيت، لأن ثمن ليتر المازوت على حد تعبيره (واوا)، ووقتها نكون أمام خيارين، فإما أن نجلس في أماكننا ونرتجف من البرد، أو نخرج إلى الزقاق ونلعب ألعاباً عنيفة لكي تدفأ أجسامنا، وبعد اللعب، وبمجرد ما ندخل إلى البيت وتلاحظ الوالدة أننا بللنا ثيابنا بالمطر، ووسخناها بالوحل، تنهال علينا ضرباً بكل ما أوتيت من قوة.

فنجلس ونبكي، لأن الوالد حينما يعود سيضربنا مرة أخرى، وفي اليوم التالي ستضربنا الآنسة لأننا لم نتمكن من كتابة الوظيفة.

أنا أكره المطر. هيك وهيك بالمطر!