ذكريات شاب طموح
ياسين سليماني
مع بداية ذلك العام الدراسي خريف ألفين وأربع، كنت شديد الهلع إنه عام البكالوريا، السنة التي يجب أن أضع كل وقتي وجهدي من أجل أن أنهيها مِسْكا، ولتكون أيام صيفها على شواطئ سكيكدة وجيجل وتونس،لا في تلك المدينة التي تضحك منها الشمس القاسية وتصفعها الرياح الحارة معها الغبار الذي يعمي الأبصار.
درست ذلك العام، وهو العام الثاني الذي أدرس فيف الفلسفة، لم أكن أفهم كثيرا مما تقوا الأستاذة الجميلة، كانت رائعة، غير انها سريعة الغضب، ظلت طوال العام تقول أن الفوضى واللامبالاة اللتين لمستهما منا ستجعلان حظوظنا في نيل البكالوريا لاتنزل على الحضيض.
وهو كذلك العام الثاني الذي أدرس فيه اللغة الفرنسية عند الأستاذ نفسه، كان غالبا ما يخرج بنا من الدرس إلى سرد القصص عن ابنه وزوجته التي تعمل معه في المكان ذاته والرائعة الجمال ... كان يبدأ ساعته دائما بتفتيش المآزر وإلقاء الملاحظات القاسية على مسمع تلميذ مار به أساء تصرفا أمام حضرته.
قال لي مرة وأقبل علي وكان أغلب حديثه بالعربية:
- Le verbe savoir au passe simple ?
- ...........
سألني: - لا تعرف ؟ ولم أرد.
وبقينا نتبادل النظرات ،كنت ؟أعرف أنه لا يريد تدريسنا، وكان هو يحب أن يبقى قابعا في كرسيه يحتسي قهوته التي بعث أحد تلاميذه لاقتنائها مبشرا إياه بأنه سيزيده في الامتحان نقطتين مقابل هذه الخدمة.
ونظر لدى الجالس بجانبي وقال له مكررا:
- Le verbe savoir au passe simple
وحين لم يجب قال: - أنت أيضا لا تعرف؟
خفض زميلي رأسه، وكان يحمل الاسم الذي أحمله أنا، وكنت على يقين أنه يعرف الرد كما كنت أعرفه ، ولنفرض أني كنت أجهله فقد كان باستطاعتي فتحي الكتاب لأجد الجواب جاهزا قبل أن يصل إلي، لكني لم أفعل لسبب عدم قدرتي على التحدث لامع انسان مثل هذا، حقيقة كنت أحتقره، كان ينزل إلى مستوى ركيك من اللباقة، يتحدث في كل شيء حقير.