من حكايات سنقر الحرامي

د. غيضان السيد علي

 

يعيش "سنقر" على أطراف قرية كبيرة يسكن بها أصحاب الحرف والمهن المختلفة والعديدة... أما " سنقر" فلا يبحث أبداً عن عمل ولم يعرف له أحد من سكان القرية حرفة أو مهنة.

وكان "سنقر" ينام في النهار ويسهر بالليل ويتحرك في البلدة ليلاً كل يوم، حتى إنه يجوب أنحاء البلدة كلها. ويشاهده الناس كل يوم  يذهب إلى السوق رغم أنه ليس تاجرا يذهب للسوق ليمارس التجارة،  ولا مزارعا يبيع في السوق منتجات حقله أو ماشيته أو طيوره.

 وذات مرة زادت سرقات خرفان العيد من القرية، وأخذ عمدة القرية وخفرها يبحثون عن هذه الخرفان المسروقة، لكنهم لم يجدوها. وكان سنقر قد وضعها في بيته النائي وكان يأخذ كل يوم خروف ليبيعه في أسواق القرى الأخرى.

وقد شاهده إمام مسجد القرية حينما كان يبيع الخروف الأخير من الخرفان المسروقة في سوق قرية مجاورة، ولما عرف سنقر أن الشيخ قد عرف حقيقته ذهب إليه  وطلب منه ألا يخبر عنه أهل القرية ولا عمدتها وأنه قد تاب إلى الله تعالى وأنه لن يعود إلى السرقة مرة أخرى .

لكن سنقر الذي كان يبكي أمام الشيخ الطيب كي لا يخبر أحدا عنه وعن سرقاته، انفجر في ضحك وسخرية من الشيخ الذي صدق دموعه وتوسلاته المخادعة .

وكان يسكن بجوار "سنقر" هذا أسرة فقيرة مكونة من أم وأطفال صغار أيتام  يزرعون قطعة أرض صغيرة كان يملكها والدهم المتوفى. لكنهم كانوا يكسبون قوتهم من عمل أيديهم فهم فقراء لكنهم شرفاء.

وذات يوم اشترت هذه الأسرة دجاجة من السوق لكي تطهيها على الغداء، ولكن الدجاجة تسللت وخرجت من باب المنزل ليراها سنقر الذي كان يجلس أمام منزله.فأخذها وحبسها في منزله.

وأخذت أم الأطفال تبحث عن الدجاجة فلم تجدها، وبدأ الأطفال الجياع  يبحثون عن الدجاجة في كل مكان حتى وصلوا إلى منزل جارهم سنقر الذي أنكر حتى رؤيته لهذه الدجاجة التي يبحثون عنها .

بل أن "سنقر" المخادع تظاهر بأنه يبحث معهم عن الدجاجة. وما أن جاء المساء حتى أغلق سنقر أبواب منزله وذبح الدجاجة ثم قام بطبخها على النار وأكلها وهو يسخر من الأولاد الذين يبحثون عن دجاجتهم الضائعة .

وأكل سنقر الدجاجة ثم نام ... وعندما قام في الصباح ، وسار في القرية حتى رأي أن كل الناس يتجمعون حوله وينظرون إليه ويتعجبون فأسرع إلى المرآة لينظر فيها ليعرف ما قد حدث لوجهه ...لكنه فزع فزعا شديدا وأخذ يداري وجهه من الناس  لقد نبت ريش الدجاجة كله في وجهه وأصبح وجهه كله مليئا بالريش، والأطفال يجرون وراءه ويقولون: "حرامي الدجاجة أهو أهو"..." حرامي الدجاجة أهو أهو".

وسار سنقر يختبئ من الناس ويداري وجهه بيديه حتى وصل إلى منزل الشيخ الطيب، ودخل عليه وأخذ يعترف له بكل سرقاته وبكل أفعاله المخادعة مع الناس وأنه لا يريد الآن إلا أن يزيل هذا الريش من وجهه .

فقال له الشيخ هذا جزاء من الله تعالى، ولقد أخبرتك من قبل أن الله لا يحب السارقين.

ثم قال له الشيخ إنك إذا أخلصت التوبة لله تعالى وعزمت على إنك لن تعود للسرقة مرة أخرى وأن تكسب رزقك من العمل الحلال فإنك ستنام وتقوم في الصباح لن تجد هذا الريش في وجهك.

فأعلن سنقر توبته ثم نام وهو ينتظر أن يخلصه الله تعالى من هذا الريش الذي يملأ وجهه..