لا يفل الحديد إلا الحديد

عاش في سالف الزمان ثعلب وأرنب ، وكان للثعلب بيت من الجليد وللأرنب بيت من الخشب ، وجاء الربيع بدفئه وحسنه ، فأذاب بيت الثعلب ، ولبث بيت الأرنب راسخا صلبا . وكان أن طلب الثعلب من الأرنب السماح له بالالتجاء إلى بيته ، ودخل دون أن يوافق الأرنب صراحة على استضافته ، وزاد بأن طرد الأرنب من بيته . سار الأرنب في الطريق يبكي حزينا متألما ، ولقيه كلبان سألاه : لم تبكي ؟!

فقال : دعاني في حالي أيها الكلبان ! كيف لا أبكي بعد أن ابتليت بما ابتليت به ؟! كان لي بيت خشب وللثعلب بيت جليد ، فدعا نفسه إلى بيتي وطردني منه .

قال الكلبان : كفكف دموعك ! سنطرد الثعلب من بيتك .

قال : كلا ! لن تقدرا .

_ بل سنطرده . اهدأ بالا !

وقصدا بيت الأرنب وخاطبا الثعلب من خارجه : اخرج من البيت أيها الثعلب !

فرد عليهما من مكانه تحت الموقد : انصرفا قبل أن أخرج إليكما وأمزقكما أشلاء !

فارتاع الكلبان وفرا من المكان .

وتابع الأرنب طريقه باكيا حزينا مهموم النفس ، ولقي دبا سأله : لم تبكي أيها الأرنب ؟!

فقال : دعني في حالي يا دب ! كيف لا أبكي بعد أن ابتليت بما ابتليت به ؟!

كان لي بيت خشب وللثعلب بيت جليد ، فدعا الثعلب نفسه إلى بيتي وطردني منه .

قال الدب : كفكف دموعك ! سأطرده من بيتك .

فقال الأرنب : كلا ! لن تقدر . حاول كلبان قبلك طرده وفشلا ، لن تكون أحسن حظا منهما .

فقال : بل أقدر .

وذهب الاثنان إلى البيت . زمجر الدب : اخرج أيها الثعلب من البيت !

فأجابه الثعلب من تحت الموقد : انصرف قبل أن أخرج إليك وأمزقك أشلاء !

فذعر الدب مما سمع واندفع هاربا لا يلوي على شيء .

ومضى الأرنب في طريقه باكيا متوجعا ، وقابل ثورا سأله : لم تبكي أيها الأرنب ؟!

فأجابه : دعني في حالي يا ثور ! كيف لا أبكي بعد أن ابتليت بما ابتليت به ؟!

كان لي بيت خشب وللثعلب بيت جليد ، فدعا نفسه إلى بيتي وطردني منه .

فقال الثور : تعال معي ! سأطرده من بيتك .

فقال الأرنب :  كلا ! لن تقدر . حاول كلبان طرده وفشلا ، وحاول دب طرده وفشل ، ولن تكون أحسن من سابقيك حظا .

_ بل أقدر .

وقصد الاثنان بيت الأرنب ، وخاطب الثور الثعلب : اخرج يا ثعلب من عندك !

فرد الثعلب : انصرف قبل أن أخرج وأمزقك أشلاء !

فارتعب الثور ونكص مدبرا .

واستأنف الأرنب طريقه يبكي مستيئسا ، فلقيه ديك يحمل منجلا سأله : لم تبكي يا أرنب ؟!

فقال : دعني في حالي يا ديك ! كيف لا أبكي بعد أن ابتليت بما ابتليت به ؟ ! كان لي بيت خشب وللثعلب بيت جليد فدعا نفسه إلى بيتي وطردني منه .

قال الديك : تعال معي ! سأطرده من بيتك .

فرد الأرنب : كلا ! لن تقدر . حاول كلبان ودب وثور طرده قبلك وفشلوا . لن تكون أحسن حظا من سابقيك .

فقال الديك : بل أقدر .

ومضى الاثنان إلى البيت ، وقال الديك : تالله لأقسمن الثعلب بمنجلي الحقيقي الحاد هذا قسمين !

ولما سمع الثعلب تهديد الديك ارتاع ورد : هأنذا ألبس ثيابي .

فقال الديك ثانية : تالله لأقسمن الثعلب بمنجلي الحقيقي الحاد هذا قسمين !

فبكى الثعلب وقال : هأنذا ألبس فروتي .

قال الديك ثالثة : تالله لأقسمن الثعلب بمنجلي الحقيقي الحاد هذا قسمين !

فاندفع الثعلب من البيت ، واعترضه الديك واحتز رقبته بمنجله .

وعاش الأرنب والديك سعيدين بعدئذ .

*من القصص الشعبي الروسي .

وسوم: العدد 645