طفل
بُغِت به يحملها مضمومة إلى صدره ، فاقترب منه لينتزعها بلطف وحذر، فتشبث بها ، ومال عليها بصدره باكيا بكاء يشجي القلب : لماما ! لماما !
فصرخ فيه : هاتها ! حتى الموت لماما ؟!
ودوى انفجار .
***
أخذ علبة فول من مطبخ جدته لأبيه قائلا : لماما !
فابتسمت ومالت عليه تقبله وقالت : خذها لها !
وسمعت خطواته على الدرج قاصدا شقة والديه في الدور الثاني .
كان أخذه علبة الفول بداية ، وصار كلما رأى شيئا يروق له في بيت جدته أو في بيتي عميه في الدور الأول والثاني يلتقطه ، ويقول حتى لو كان وحده : لماما !
وأحيانا تعيد أمه ما يأخذه . أخذ مرة براد شاي، وأخذ مرة مائة شيكل وجدها على سرير جدته . وفي مستهل إحدى الأمسيات سمعته جدته يبكي في مدخل الدرج ، فقصدته ووجدته يحاول دفع بطيخة ثقيلة نحو أول درجة ، فحملتها وقادته من يده إلى أمه . وطال سلوكه الجيران ، وتساهلوا معه بمحبة واستعذاب تساهل جدته وأسرتي عميه إلا إذا كان ما يأخذه عالي القيمة . واحبه الجميع ، وفرحوا متى رأوه يدخل بيوتهم أو أفنيتها. من لا يحب طفلا عذبا في الثالثة ؟! وفي ضحوة ربيعية بغت به ياسر ابن جارهم أحمد يخرج من غابة زيتون قريبة من الحارة ومعه قنبلة يدوية زيتونية اللون . ربما سقطت من قوة إسرائيلية أو من مجموعة من رجال المقاومة كمنت إحداهما في الغابة في حرب 2014 . اقترب منه ياسر قلقا حذرا لينتزعها ، فتشبث بها ، ومال عليها بصدره باكيا بكاء يشجي القلب : لماما ! لماما !
فصرخ فيه : هاتها ! حتى الموت لماما !
ودوى انفجار طيره أشلاء ، وبتر يمنى ياسر ، وقلع عينه اليمنى ، وغطى الدم وجهه الأسمر الوسيم .
وسوم: العدد 677