سعيد والأمل البعيد...
أعلنت الاميرة الجميلة أن الذي ستقبله زوجا لها يجب أن لا يكون أصلعا ولا سمينا وأن لا يكون بدون شهادات...
سعيد أصلع وسمين وبلا شهادات...
لكن سعيد رأى الاميرة الجميلة ووقع في حبها وجفا النوم عينه، يتقلب في فراشه آناء الليل يفكر فيها ويحلم بزواجها...
في عصر كل يوم يجلس سعيد إلى صديقه راجح يحدثه عن حبه العظيم للاميرة الجميلة وعن حظه العاثر بان جميع الصفات المطلوبة بفارس أحلام الاميرة غير موجودة فيه...
كان راجح على اطلاع على خبايا القصر من خلال اخته التي تعمل طباخة في القصر وتنقل له يوميا أخبار الخُطّاب وصد الاميرة لهم لأقل إخلال بشروطها العسيرة...
كان سعيد يسحب الكلام بشراهة من راجح ويسأله عن كل كبيرة وصغيرة تخص الخُطّاب الكُثر المتوافدين يوميا على القصر يخطبون ود الاميرة...
منذ أيام يا سعيد خطب الاميرة البروفسور أحمد المزروعي وهو كما تعلم عبقري معه الكثير من الشهادات، قال سعيد: من المؤكد أنها سترفضه لانه أصلع، قال له راجح: صدقت هذا ما حصل فقد رفضته وخرج يجر أذيال الخيبة ولم تغفر شهاداته لصلعته...
ثم خطبها كذلك الرياضي الشهير حسن بوظو الجميل الانيق ذو العضلات المفتولة، قال سعيد من المؤكد أنها رفضته لانه انتقل مباشرة بعد البكالوريا إلى الملاعب والاندية دون أن يكمل تعليمه ودون تحصيل أي شهادات... قال له صدقت لقد خرج خائبا ولم تشفع له غرته المصقولة ولا عضلاته المفتولة...
ثم يا عزيزي سعيد خطبها مؤخرا وزير محترم شكله جميل وشعره طويل غير أنه سمين يكاد طوله يساوي عرضه، قال سعيد من المؤكد أنها رفضته فهي مصرّة على تحصيل جميع الشروط التي تطلبها في فارس الأحلام...
ثم إن راجح رق لحال سعيد وقال له لماذا لا تحاول أن تصلح من شأنك حتى توافي شروط الاميرة ثم تخطبها؟... فنظر إليه سعيد مشدوها .. وصمت برهة ثم قال: لم يخطر ذلك على بالي قط، فأنا مخالف لجميع الشروط المطلوبة... قال راجح ولكنك تستطيع أن تغير أوضاعك وتحصيل الشروط المطلوبة بالسعي الجاد لها... قال له كيف؟ وأنا بدين وأصلع وبلا شهادات؟ قال له لا تنسى أنك جميل وذكي ولطيف المعشر... عليك فقط أن تشتغل على تحقيق الشروط المطلوبة، ولنبدأ بالشهادات، سجل في أقرب وقت باحدى الجامعات وادرس بشكل جاد واحصل على شهادة جامعية مثل باقي البشر... قال هذه تبدو بسيطة، وما أصنع بالبدانة والصلع؟ قال أما البدانة فسجل غدا في نادي رياضي واتبع حمية غذائية من دكتور متخصص، وعليك أن تنسى الخبز والرز –والنقنقة- وستجد أنك أصبحت نحيفا خلال أشهر.. قال سعيد: هبني فعلت ذلك ولكن قل لي أين أذهب بالصلع؟ ولا تقل لي: ضع باروكة... قال له راجح: لا لن أقول لك ذلك، لقد تطور العلم وبامكانك أن تحصل على شعر جميل حقيقي بمعالجة بسيطة في تركيا مثلا... لقد فعل هذا قبلك كثير من النجوم والمشهورين وأصبح الصلع من ذكرياتهم المنسية...
قال سعيد لراجح: أنت تزرع في قلبي أملا لم يكن ليخطر على بالي، وتثير في جوانجي تحديا يفجر الطاقة في عروقي... نعم لقد قبلت التحدي وستراني شخصا آخر بعد حين...
انتسب سعيد لكلية الحقوق يدرسُ واصلا الليل بالنهار وهو يحقق أفضل النتائج في الامتحانات... وأصبح مداوما على النوادي الرياضية والحمية الغذائية حتى أصبح رشيقا كالغزال، وخطف رجله إلى تركيا فاجرى زراعة للشعر فعاد كانه -الفس برسلي- بشعر أسود جميل لا ينسى أن يضمخه يوميا بالدهون اللامعة والتسريحات البارعة...
غاب سعيد ردحا من الزمان عن صاحبه راجح وباعدت بينهما الاشغال والاسفار، وتلاقيا بعد حين صدفة في إحدى المناسبات، وكاد راجح أن لا يعرف سعيدا، فقد غدا نحيفا يلبس ثياب المثقفين ويسرح شعره تسريحة الفنانين، فسُر به وسعد بلقائه وسأله عن أحواله، فاخبره سعيد بما يُفرح ويسر، ثم سأله راجح: هل تزوجت الاميرة بعد ذلك؟ قال له سعيد: لا!!! لقد غيرت رأي، لقد التقيت في تركيا بفتاة غاية في الجمال والادب وأحلى من الاميرة، فوقعت في غرامها وأنستني الاميرة وخيالاتها فتزوجنا وقضينا شهر العسل في (ترابزون) وعشنا في سبات ونبات وخلفنا صبيان وبنات... وقد سميت أكبر أبنائي –راجح- على إسمك عربونا لمحبتك واعترافا بفضل نصائحك علي...
وسوم: العدد 695