الحجاج ومنع التجول
لما توَلّى"الحجّاجُ" أمْرَ العراق، أصدر قراراً بمنع التّجوّل ليلاً.. و أمر رئيس الجند أن يطوف بالليل فمن وجده بعد العشاء في الطريق ضرب عنقه !
.. وبينما كان يطوف الدروب ذات ليلة، وَجَدَ ثلاثة صبيان، فأحاط بهم وسألهم :
ويلكم.. مَنْ أنتم حتى خالفتم الأمر؟
فقال الغلام الأول :
أنا ابْنُ الذي دانَتْ الرقابُ له
ما بيـْنَ مخزومها وهاشمها
تأتي إليه الرقاب صاغرةً
يأخذ مِنْ مالها وَمِنْ دمِهـا
فأمسك عن قتله وقال:
لعله من أقارب الأمير!
ثم قال الغلام الثاني :
أنا ابْنُ الذي لا يُنْزِلُ الدهرُ قِدْرَهُ
وإنْ نزَلتْ يوماً فسوْف تعودُ
ترى الناس أفواجاً إلى ضوْء ناره
فَـمِنْهمْ قيامٌ حولها وقعـودُ
فتأخر عن قتله وقال: لعله ابن أحد أشراف العرب الكرام
وقال الغلام الثالث :
أنا ابْنُ الذي خاضَ الصفوفَ بِعزْمِهِ
َوقَوّمَها بالسيف حتّى استقامتْ
رِكاباهُ لا تَـنْفَـكّ رِجْلاهُ مِنْهُما
إذا الخيل فـي يـومِ الكريهـةِ ولـّتْ
فترك قتله وقال لعله: ابن أحد شجعان العرب فرسان الأمير
فلما أصبح.. رفع أمرهم إلى الحجاج وأحضرهم، فاستنطقهم الحجاج وكشف عن حالهم
.. فإذا بالأول ابن حـلاق!
.. والثاني ابن بائع فول!!
.. والثالث ابن حائك ثياب !!!
فتعجّب الحجاج من جوْدة شِعْرِهِم وَسُرْعة بديهتهم !
وقال لجلسائه :
عَلـّمُوا أولادكم الأدب، فلَوْلا فصاحتهم، لـضُرِبَتْ أعناقهم !!
ثم أطلقهم وأنشد :
كُنْ ابنَ مَنْ شئْتَ وَاكْتسِبْ أدَباً
يُغْـنيكَ مَحْمودُهُ عَنْ النّسَبِ
إنّ الفتى مَنْ قال: ها أنَـذَا
ليْسَ الفتى منَْ قال: كان أبي
وسوم: العدد 714