لماذا تأخرت المرأتان المتهمتان لطارق رمضان باغتصابهما مدة طويلة ولم تبلغا عن ذلك في حينه ؟
جرت العادة أن يتم التبليغ عن الجرائم خصوصا المتعلقة بالاغتصاب ساعة وقوعها خصوصا في بلد كفرنسا الذي يعتبر في طليعة البلدان الديمقراطية التي يستحيل فيها أن يخشى الضحايا من التبليغ عمن يعتدي عليهم لوجود عدالة صارمة يضرب بها المثل . ومن الغريب أن يحصل مند مدة طويلة ، ولا يبلغ عنه في حينه اغتصاب طارق رمضان الداعية الإسلامي للسلفية المتحولة إلى علمانية "هند العياري" الجزائرية أبا ،والتونسية أما، والفرنسية جنسية ، واغتصابه للفرنسية المعتنقة الإسلام، والحاملة لاسم مستعار هو " كريستيل " وهو على وزن إسرائيل ، والمكون من "كريست " وهو اسم المسيح ، و" إيل" وهو اسم الله عز وجل بالعبرية ، ولا أعتقد أن هذه الاستعارة بريئة ، وأنه من وحي تنسيق بين إسرائيل، وكريستيل للإيقاع بإسلامئيل . فما الذي جعل المرأتين، وهما معا مطلقتان، وقد جاوزتا العقد الرابع من عمرهما تسكتان مدة طويلة عن اغتصابهما وهما المثقفتان ؟ ومعلوم أن طارق رمضان الداعية المصري الأصل ، والسويسري الجنسية ، وهو حفيد الحسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين يمارس منذ مدة طويلة الدعوة في المجتمعات الغربية خصوصا في أوروبا ، بأسلوب متميز، وهو مناظر من الطراز الرفيع باللغتين الفرنسية والإنجليزية، تفحم مناظراته من يناظره بسبب قوة حججه الدامغة ، ومنطقه القوي، الشيء الذي أثر على الكثير من الغربيين ،وجعلهم يعتنقون الإسلام اقتناعا لا إكراها ، وبات ذلك يهدد القارة العجوز المتوجسة من إقبال أبنائها على اعتناق الإسلام الذي قد يحولها بعد مدة إلى قارة مسلمة ويطمس معالمها العلمانية . و قد جلب عليه ذلك حقد الحاقدين، و حسد الحاسدين ، ومكر الماكرين خصوصا الكيان الصهيوني الذي عراه أمام الغربيين، وكشف عن سوأته . وإذا سلمنا بأن الاغتصاب حدث بالفعل لأن العصمة لا تكون إلا لنبي ، فالقضية حينئذ لا تخلو من أحد أمرين : الأول أن الاغتصاب كان علاقة جنسية رضائية كما يسميها العلمانيون اليوم ، تم السكوت عنها في حينها حتى حصل بعد أمة ما كدر العلاقة بين الطرفين ،أفسد الود بينهما ، فصارت بفعل فاعل اغتصابا ، علما بأن الاغتصاب قد اتسعت دلالته في هذا الزمان، فصار يستعمل حتى بين زوجين مرتبطين بعلاقة زواج شرعية ، وفي هذه الحال لا يعتبر ما حدث جريمة في مجتمع تسود فيه حرية الجنس أو العلاقة الرضائية ، وتبطل بموجب ذلك الدعوة التي ترفع من قبل طرف استباح فرجه بمحض إرادته ، و الأمر الثاني أن هذا الاغتصاب لم يحصل أصلا بقرينة تراخي زمن وقوعه مع انعدام ما يمنع من التبليغ عنه في حينه في مجتمع الحريات التي لا يقيدها قيد حسب ما يزعم أهله . ومما يزيد الشك في عدم حصول هذا الاغتصاب الحياة الزوجية الفاشلة لهند وكريستيل ، أما هند فكانت زوجة سلفية لزوج سلفي، أنجبت منه ثلاثة أطفال ثم انفصلت عنه بطلاق ، ولا تعرف حيثيات طلا قها منه، وهي مفتوحة على كل الاحتمالات ، ولا يستيقن من حقيقته إلا بعرض ما تقوله هي على ما يقول طليقها، وبعرض القول على القول في المسألة الواحدة تظهر حقيقتها . ومما يزيد الشك في أن اغتصاب هند هو محض افتراء أنها اختارت الانتقال من السلفية إلى العلمانية ، وخلع الحجاب تزامنا مع حادثة الهجوم الذي وقع في باريس . ولا ندري هل فعلت ذلك خشية أن تتابع بتهمة الحجاب السلفي أم انتقاما من زوجها السلفي أم رغبة في الشهرة، وما وراءها من أطماع أم تورطا في مؤامرة ضد الداعية الذي تتوجس من دعوته العلمانية الفرنسية ؟ وحكاية هند مع الاغتصاب قديمة حيث روت في مؤلفها الذي اختارت له كعنوان : " اخترت أن أكون حرة " أنها تعرضت لمحاولة اغتصاب من ابن عمها في تونس ، وأنها اغتصبت من شخص سلفي يدعى الزبيرـ وهو اسم يطلق في العربية على الكيس ،العاقل ،المحكم الرأي ،و الداهية ـ والذي صار فيما بعد طارق رمضان ،فهل كانت هند على علم بدلالة اسم الزبير حين أطلقته على السلفي الذي اغتصبها ؟ وتكرار حكاية الاغتصاب في حياة هذه المرأة مثير للانتباه، وربما تكون قد قصد الإشارة إلى شيء من ذلك في كتابها حين ذكرت أن زوجها السلفي كان يعنفها ،ويسيء معاملتها ، وقد يكون عنده سر حكايتها مع الاغتصاب ،وقد أفضى بعضهما إلى بعض . ولست أدري هل ستتجاوز العدالة الفرنسية حكاية الزبير الواردة في كتابها أم أنها ستحقق في ذلك ، وفي سر وملابسات تحول اسم بطل الاغتصاب من الزبير في التأليف إلى طارق في الادعاء ؟ ولا ندري هل ستتوجه العدالة إلى هند بسؤال : هل أنت مع حرية الجنس بعدما تحولت من السلفية المتشددة إلى العلمانية المنفتحة ، وأظهرت ما كنت تخلفين من زينتك ، و اخترت أن تكوني حرة كما جاء في عنوان كتابك ؟ فإن أقرت بتلك الحرية، ففي اتهامها طارق باغتصابها نظر لأن الانتقال من معسكر الإسلام إلى المعسكر العلمانية لا يمكن ألا تكون له تداعيات وآثار أقلها التفكير في الانتقام ، وإن لم تقر بذلك ،فهي كاذبة في علمانيتها ، وإذا جاز كذبها في ذلك، لا يستبعد كذبها في قضية الاغتصاب .
و يستغرب أيضا من هند وكريستيل، وهما مسلمتان حينئذ موضوع خلوتهما مع طارق في فندق ، والاستجابة لدعوته هناك .ويستغرب من طارق أيضا وهو الداعية الذي تسلط عليه أضواء الإعلام في حله وارتحاله أن يصير بليدا بهذا الشكل ، وهو المحسوب على الكياسة والفطنة أو هو الزبير، فيقدم على مغامرة الاختلاء بأجنبيتين في حجرة بفندق ، علما بأن الفنادق مرصودة بكاميرات تسد مسد الرقيب العتيد ، كما أنها توثق في سجلاتها المحفوظة كل من يلجها ، فضلا عن التبيلغ عمن يبيت فيها في الحين لدى مصالح الأمن خصوصا عندما يتعلق الأمر بشخص كطارق رمضان الذي لا يستبعد أن يكون تحت أنظار رجال المخابرات لا تغادره طرفة عين .
وإذا تفهمنا تعاطف المجتمع الفرنسي العلماني مع هند وكريستيل، وهو أمر متوقع ، فلماذا ينكر على المتعاطفين مع طارق رمضان تعاطفهم معه ، وهو أيضا أمر متوقع بنفس الدرجة ، ولماذا يمنع المتعاطفون معه عندنا في المغرب من التعبير عن تعاطفهم كما حصل حين اتهم محسوب على الفن بنفس التهمة ؟ ولماذا هذه الازدواجية في التعاطف مع فنان ومنع التعاطف مع داعية ؟
وأخيرا نتساءل هل سيفتح باب ملاحقة كل داعية على مصراعيه بتهمة الاغتصاب خصوصا إذا كانت دعوته مصدر تهديد للعلمانية والصهيونية لإخراسه من جهة ، و من جهة أخرى للتشكيك في تدينه ، وحمل من كان يثق فيه على فقد تلك الثقة ؟
وسوم: العدد 760