القبض على جينا هاسبيل لا وضعها مسؤولة في الـ«سي أي إيه»
إذا كان مجلس الشيوخ الأمريكي لديه ذرة واحدة قد تركها من احترام للقانون، فإنه ينبغي عليه أن لا يُقر تعيينها.
نحن على وشك العودة الكاملة إلى تعذيب تُقره الولايات المتحدة وبشكل رسمي. لقد قال رئيسنا المتهور إنه يريد إعادة الإيهام بالغرق “والجحيم أسوأ كثيراً “وقد عيّن الآن جينا هاسبيل في منصب الرئيس الجديد لوكالة المخابرات المركزية.
أشرفت هاسبيل شخصياً على التعذيب في موقع تابع لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في تايلاند، حتى إنها بدت على أتم الاستعداد للقيام بهذا الدور.
كما أشرفت هاسبيل على أداء جورج دبليو بوش لبرامج التعذيب، ولا غرابة أن الكثيرين في مجتمع المخابرات المرتبطين ببرنامج التعذيب الأمريكي يقفزون الآن إلى الدفاع عنها، قائلين إنه لا ينبغي أن تتم معاقبتها الآن لاتباعها الأوامر في ذلك الوقت.
المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية جون برينان الذي كان يؤيد التسليم من أجل التعذيب وقال بشكل معروف: “علينا أن نخلع القفازات في بعض المناطق”، هذا الأسبوع أكد “نزاهة” هاسبيل وأخبر أحد المذيعين: «لا تنسوا برنامج الاستجواب أثناء الاحتجاز حيث تمت الموافقة عليه من رئيس الولايات المتحدة لبرنامج الاستجواب وقد أخذ قانونية من قبل وزارة العدل».
وقال رئيس وكالة المخابرات المركزية السابق الجنرال مايكل هايدن في دفاعه عن هاسبيل، إنها «ببساطة كل ما طلبته الوكالة ومدير الوكالة والأمة منها».
وفي حين أنه من المعتاد بالنسبة للأشخاص الذين أشرفوا على جرائم ضد الإنسانية وشاركوا فيها، مثل التعذيب والإبادة الجماعية، أن يعاد صياغتهم من قبل مؤيديهم كموظفين حكوميين مؤدين للواجب، فهناك بالإضافة إلى ذلك اتجاهان مقلقان للغاية –أحدهما قديم والآخر جديد– وكلاهما متضمن في تعيين هاسبيل لهذا المنصب ومدافعين عن مزاياها لهذا المنصب.
التعذيب غير قانوني بموجب القانون الأمريكي والقانون الدولي في جميع الظروف، كما أن منظمات حقوق الإنسان مثل منظمتي هي التي تدفع بقوة إلى أولئك الذين أمروا أو ارتكبوا أعمال تعذيب بعد 11 سبتمبر –بما في ذلك الرئيس– ليتم محاسبتهم في المحاكم الأمريكية والدولية.
غير أن المدافعين عن هاسبيل لا يرغبون في الاعتراف بأن الممارسة التي شاركت فيها كانت مقلقة، وأقل بكثير أنها غير قانونية. لذا فإن الدفاع عن هاسبيل كموظف ملزم تجاه القيام بالواجب عندما يتعلق الأمر بالتعذيب، لكن قائدًا نابضًا بالنزاهة عندما يتعلق الأمر بكل شيء آخر، يسعى إلى محو عدم شرعية وفساد ممارسة التعذيب، بالإضافة إلى الخزي الذي يستحقه، والذي يجب دائما أن يلاحق أولئك الذين قاموا به أو مارسوه.
لكن وراء ذلك هناك مشكلة أخرى أكثر حداثة، وهي مشكلة الرئيس نفسه. إن ترامب الذي يصطف مع الحكام المستبدين والديكتاتوريين في أنحاء العالم لا يمتلك أي استخدام لحكم القانون. إنه متهور وغير مبال ويركز على نفسه بشكل مذهل. هناك مجموعة فرعية من العاملين في البيت الأبيض على درجة عالية من الصحة تركض الى المخارج عندما لا لا يتم النظر إليها، وذلك لأنهم يدركون تمام الإدراك أنه يطالب بالولاء لنزوة لديه أكثر من الصدق الوطني.
وهو معروف بمهاجمة الناس لأنها تتناقض مع نصائحه في وسائل الإعلام الاجتماعية. بالنظر إلى أن بلادنا يديرها دونالد ترامب على الأقل في الوقت الحالي، فإن آخر شيء نحتاجه هو رئيس لوكالة الاستخبارات المركزية الذي ينفذ كل ما يخول به هذا الرئيس. في الحقيقة نحن بحاجة إلى العكس تماما. نحتاج الى الشخص الذي يعارض التعذيب، لا يدير برنامجاً للتعذيب في سيرته الذاتية، ومن سيقول للرئيس لا، وكما تبدو الحالة اليومية فإنه يحث على ترك بصمته على الدورة الإخبارية.
صحيح أن الأشخاص الذين يقولون لا لدونالد ترامب لا يبقون في وظائفهم لفترة طويلة بغض النظر عما إذا كان ينظر إليهم على أنهم عناصر مساعدة أو قوى مستقرة في إدارته. ولكن عندما يتعلق الأمر بالموظفين العموميين المطيعين في إدارة ترامب، فإن التاريخ سوف ينظر بعين الرضا إلى أولئك الذين يقولون لا وتم طردهم وأولئك الذين قالوا لا، وغادروا تحت قوتهم.
سيكون الأبطال المجهولون في هذا العصر هم أولئك الذين قالوا لا لأي عرض عمل لإدارة ترامب في المقام الأول. لكن جينا هاسبيل لن تكون بين هذا العدد بسبب سجلها المروع. وقد قدم مركز الحقوق الدستورية مؤخراً ملفاً لدى المحكمة الجنائية الدولية لجلب انتباههم إلى هاسبيل. نريد أن نسلط الضوء على حصانتها من العقاب عن التعذيب والمخاطر المتزايدة وذلك بالعودة إلى التعذيب بسبب منصبها كنائبة للمدير العام لوكالة الاستخبارات المركزية.
الإفلات من العقاب (الحصانة) يولد التكرار. سنلاحق الأمر في لاهاي. في غضون ذلك دعا المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان إلى إلقاء القبض عليها فيما يتعلق بتحقيق ألماني في التعذيب الأمريكي في عهد: بوش.
بالنسبة لأولئك الذين تعرضوا للتعذيب في برنامج وكالة المخابرات المركزية التي أشرفت عليها، لا يزال هذا الضرر موجودا اليوم. فهم لا يزالون في غوانتانامو ولا يتمتعون بالعدالة، ولا الرعاية ولا التعويض. يجب اعتقال جينا هاسبيل، وليس ترقيتها. وإذا كان مجلس الشيوخ الأمريكي لديه ذرة واحدة قد تركها من احترام للقانون، فإنه ينبغي عليه أن لا يُقر تعيينها.
(*) الجارديان البريطانية/ ترجمة مركز أمية للبحوث والدراسات الإستراتيجية
وسوم: العدد 765