على الشعوب العربية تقع مسؤولية الدفاع عن هويتها وقيمها الإسلامية
على الشعوب العربية تقع مسؤولية الدفاع عن هويتها وقيمها الإسلامية التي تتعرض لحملة مسعورة تورطت فيها أنظمة عربية بإيعاز أنظمة غربية
لم يعد سرا استهداف القيم الإسلامية في الوطن العربي من طرف أنظمة عربية بإيعاز من أنظمة غربية . ومع مرور كل يوم يتأكد هذا الاستهداف بتصرفات وقرارات صادرة عن تلك الأنظمة العربية تصب كلها في اتجاه تغيير قيم الأمة العربية الإسلامية وإحلال قيم الغرب محلها . ولقد أوكلت الأنظمة الغربية مهمة طمس معالم تلك القيم إلى أنظمة عربية بعضها نصبته بالقوة كما هو الشأن بالنسبة للنظام المصري الذي جاء فيه متزعم الانقلاب على الشرعية والديمقراطية على ظهر دبابات غربية ليلعب الدور المنوط به في وأد رهان الشعوب العربية على دينها للخروج من فترة ما بعد نكبة فلسطين وما تلاها من نكسات على جميع الأصعدة، والتي جعلت الأمة العربية في ذيل الركب الحضاري بين أمم الأرض . ولقد كانت ثورات الربيع العرابي التي ثارت خلالها الشعوب العربية من الخليج إلى المحيط ضد أنظمتها الفاسدة والمكرسة لوضعية ما بعد النكبة والنكسات مؤشرا على أن هذه الشعوب لا زالت متمسكة بقيمها الإسلامية ، وأن جذوة الإسلام لا زالت متوقدة في عمقها خصوصا عندما أفرزت بعض التجارب الديمقراطية التي لم يكن يسمح بها من قبل عن وصول أحزاب محسوبة على التوجه الإسلامي إلى مراكز صنع القرار عبر صناديق الاقتراع ، وهي الوسيلة الوحيدة المعبرة عن إرادة الشعوب . ومباشرة بعد تلك التجارب الديمقراطية والتي كانت لأول مرة سليمة إلى حد ما من آفة التزوير أو بالأحرى لم يجد معها التزوير نفعا بالرغم من وجوده المكشوف جن جنون الأنظمة الغربية المتوجسة دائما من دين الإسلام الذي هو سر خلاص الأمة العربية من التبعية والخضوع لها . وسارع الغرب إلى فبركة تهمة سماها " الإسلام السياسي " ليكون ذلك ذريعة تطلق بموجبها الأنظمة العربية الخاضعة له يدها في إذلال شعوبها عن طريق تلفيق تهمة الإسلام السياسي لكل من يتشبث بهويته الإسلامية وقيم الإسلام. وعن طريق لعبة ماكرة عمد الغرب إلى تجنيد عصابات إجرامية جمعت عناصرها من منحرفي مختلف الجنسيات، وكلفت بلعب دور الإسلام السياسي في مسرحية هزلية مكشوفة . وكان دورها هو تلطيخ سمعة الإسلام دين السلام عن طريق ارتكاب أبشع وأشنع الجرائم باسمه ، وتحت رايات كتب عليها شعار التوحيد . وزرعت هذه العصابات الإجرامية في بؤر متوترة من الوطن العربي بتمويل من أنظمة عربية، وبأمر من أنظمة غربية ، فارتكبت الفظائع في حق الأبرياء ، وتظاهرت الجهات التي زرعتها بمحاربتها ذرا للرماد في العيون وتمويها على جريمة إفشال ثورات الربيع العربي ، وعلى جريمة إجهاض التجارب الديمقراطية التي تلتها . ووجد النظام المنصب في مصر من طرف الغرب بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية عن طريق انقلاب عسكري دموي مكشوف ، و عن طريق مهازل انتخابية بعد ذلك مبررا لارتكاب جريمة الانقلاب الشنيعة ، وما ترتب عنها من إزهاق للأرواح ، وارتكاب للمجازر الرهيبة ، ومصادرة للحريات معتبرا ذلك حربا على ما سمي إسلاما سياسيا أو إرهابا . فالإسلام السياسي من وجهة نظر الغرب هو تلك التجارب الديمقراطية التي جرت رياحها بما لا تشتهي سفنه و سفن من تتبعه من أنظمة عربية تدفع ثمن بقائها في السلطة بالخضوع له بل ،وبدفع ضرائب باهظة له .
وأكبر مؤامرة ترتكب اليوم ضد القيم الإسلامية في الوطن العربي هو تسويق فكرة محاربة الإسلام السياسي الذي صار تهمة يخشى كل متشبث بهويته الإسلامية أن تلصق به ، فيصنف لدى الغرب ولدى الأنظمة العربية الخاضعة له في خانة العصابات الإجرامية التي صنعتها مخابرات الغرب ، ومولتها تلك الأنظمة بسخاء . وتعتمد الأنظمة العربية التي تمرر الأجندة الغربية المتعلقة بما يسمى الحرب على الإسلام السياسي على أبواق دعائية لفلول معادية للإسلام أصبحت تطرح بعض قضاياه للنقاش ، وتطالب باستبدال قيمه بقيم غربية علمانية. ويعرف الوطن العربي اليوم تحركات متعددة مشبوهة لتغيير وجهه من وطن تسوده قيم الإسلام إلى وطن يجتر القيم الغربية العلمانية . وما يحدث اليوم من هرولة نحو القيم الغربية في دول عربية كانت تظهر من قبل كل أشكال المحافظة دليل قاطع على أن المؤامرة الخبيثة والماكرة ضد القيم الإسلامية في الوطن العربي سائرة على قدم وساق . وعند تحليل تهمة الإسلام السياسي التي يوظفها الغرب والأنظمة العربية الخاضعة له بغض الطرف عما وراءها من تمويه ،نجد أنها في حقيقة الأمر ليست كما يسوق إعلاميا تعني العصابات الإجرامية المصنوعة مخابراتية ، بل تعني عدم السماح لأحزاب ذات مرجعية إسلامية بالوصول إلى مراكز صنع القرار عن طريق صناديق الاقتراع أو عن طريق اللعبة الديمقراطية التي يفخر الغرب بأنها من قيمه، وأنه وصي عليها ، وحريص على ألا تبتذل في كل ربوع العالم ، ولكنه في واقع الأمر لا يحترمها كما وقع في مصر التي صارت فيها هذه اللعبة مسرحية هزلية عابثة لا علاقة لها بنفس اللعبة في بلاد الغرب . ولأن مصالح الغرب تكمن في هذا المسخ الانتخابي المثير للسخرية في مصر فقد زكاه ، وأضفى عليه الشرعية الزائفة .
وتراهن الأنظمة العربية التي أوكل إليها الغرب طمس معالم القيم الإسلامية في الوطن العربي لاستبدالها بقيمه على خلق حساسية مفرطة لدى الشعوب العربية ضد كل ما أو من يمت بصلة إلى الإسلام عن طريق فتح أوراش محسوبة ظاهريا على النقاش الفكري لمطارحة قضايا إسلامية من طرف جهات وعناصر مشبوهة ومأجورة في محاولة ماكرة وخبيثة لمخادعة هذه الشعوب ،وإقناعها بأن القيم الإسلامية أصبحت متجاوزة أمام زحف القيم الغربية المدنية التي تقف وراء تقدم الشعوب الغربية بعدما تخلصت من قيمها الدينية منذ قرون، وأحلت محل سلطان الخالق في الأرض سلطان المخلوق الذي تأله . وقد بلغ الأمر ببعض الجهات المنادية بإحلال القيم الغربية المدنية محل القيم الإسلامية الدينية حد توقيع العرائض من أجل تحقيق هذا الهدف ، وهو أمر مثير للسخرية . والغريب في أمر أصحاب فكرة هذه العرائض أنهم لم يحركوا ساكنا أمام قضية مصادرة نتائج انتخابات عن طريق انقلابات منها العسكري ومنها الانتخابي التزويري ، ولم يطرحوها للنقاش ، وفي المقابل يريدون نقل الأمة من قيم إلى أخرى عن طريق أسلوب العرائض منصبين أنفسهم أوصياء عليها ، وواصفين أنفسهم بالعناصر الوازنة المستخفة بالأمة برمتها وكأنها غير راشدة أو سفيهة أو مجرد قطعان تساق .
وعلى الشعوب العربية تقع مسؤولية صيانة هويتها وقيمها الإسلامية في هذا الظرف بالذات ،والذي كثر فيه التآمر على الإسلام بشكل غير مسبوق . والشعوب العربية تعرف كيف تقلب موازين المتآمرين ، وكيف تردهم خائبين خاسئين لن ينالوا شيئا من وراء ما يمكرون . وعلى هذه الشعوب أن تظهر كل ما يبرهن لمن يستهدف هويتها وقيمها الإسلامية شدة تمسكها بهما ،و في المقابل تظهركل ما يدل على رفضها ولفظها للقيم الغربية التي يراد لها أن تكون بديلة عن قيمها الإسلامية . وعلى المتآمرين على القيم الإسلامية أن يعلموا أنهم سيغلبون ، وأن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين.
وسوم: العدد 767