أهذه أسرارٌ نكشفُها ، أم ألغازٌ لانعرفُها ، أم ثمارُ وعيٍ نقطفُها.. أم حقائق صارخة على الأرض !؟
عبد الستار الزعيم ، أثار رعباً حقيقياً ، في نفوس المجرمين ، بعملياته الناجحة البارعة ؛ إذ تغتال مجموعاته مجرماً كبيراً، في عزّ النهار، في الشارع ، أو في مكتبه ، أو أمام بيته .. ثمّ يذوب الفاعل ، دون أن يعرف ! وقد أدّى هذا المنهج ، إلى هجرة بعض المجرمين ، من المدن السورية ، إلى الساحل ، متمثلين قول القائل : ليس بعشّك ، فادرُجي !
حين نُفذت عملية مدرسة المدفعية ، وكَتب المنفذون ، على جدران المدرسة : الطليعة المقاتلة للإخوان المسلمين .. أمسكت العصابة الحاكمة ، برأس الخيط ، الذي كانت تبحث عنه ، فبدأت حملة اعتقالات واسعة ، في صفوف الإخوان .. ثمّ قتلت الكثيرين منهم ، في السجون والمعتقلات ، تحت التعذيب .. وتوّجت إجرامَها ، بقتل قرابة ألف رجل ، في سجن تدمر، هم من خيرة رجال سورية /عام 1980/! وقد تسعّر أكثر الإخوان ، في تنّور الأحداث ، دون أن يكون لهم فيها رأي ، أو قرار!
وبدأ شحن السلاح ، إلى مدينة حماة ، حتى امتلأت به .. وتوالت الأحداث ، وحاصر المجرمون حماة ، فهبّت المجموعات المسلحة فيها ، وقضت على مراكز السلطة ، في المدينة .. وبدأت عصابة الحكم ، بتدمير المدينة ، عن بُعد ، بالمدفعية بعيدة المدى ، وراجمات الصواريخ .. فقتِل من الأهالي والثوّار، مَن قتِل ، وهم بالمئات ، أو الألوف ! حتى اضطرّ الناس ، إلى الفرار، واضطرّت المدينة ، إلى الاستسلام ، فاستباحها المجرمون ، واعتقلوا من اعتقلوه ، من أبنائها ، ومثلوا بهم تمثيلاً شنيعاً ، ومات تحت التعذيب ، من لم يمت بالقصف !
التاريخ يعيد نفسه، اليوم، بعد ستة وثلاثين عاماً، دون أيّة إفادة،من تجربة حماة! فالمقاتلون - بسائر فصائلهم - يحتلّون مدينة ، أو قرية ، ويرفعون عليها، علم الثورة، أو علماً أسود ، فتأتي قوّات النظام وحلفائه ، فتدمّر المدينة ، أو البلدة ، أو القرية.. حتى يبدأ سكّانها بالهجرة ، ثمّ بمطالبة المقاتلين ، بإخلاء المكان ( مدينة ، أو قرية ، أو بلدة) لتستلمها جهة أخرى .. ثمّ يكرّر النظام وحلفاؤه ، المشهدَ ، ليسيطر،على المكان ، بعد تدميره ، وقتل المئات من أهله ، وتشويه المئات ، بعاهات مستديمة، وتهجير الآلاف !
وتبقى الأسئلة الدقيقة الحسّاسة ، التي تبحث عن إجابات حقيقية ، على الأرض ، أو في أذهان المقاتلين ، أو في عقول المراقبين :
مَن أصحاب فكرة ( احتلال المدن والبلدات والقرى) وتعريضِها ، للتدمير، فوق رؤوس أهلها : أهم قادة الفصائل المقاتلة ، أم داعموهم بالمال والسلاح ، أم الطرفان معا ، أم طرف آخر مجهول !؟
هل غابت ، عن الفصائل المقاتلة ، تجربة حماة الأولى ، والتجارب اليومية، التي يمارسونها، هم ، أنفسهم .. بل ، وتجاربُ الحروب السابقة ، التي كانت المنجنيقات تدكّ ، فيها ، القلاع والحصون ، على رؤوس سكّانها ، حتى تستسلم !؟
وهل غابت عنهم ، تجربة عبد الستار الزعيم ، الناجحة ، في أواخر السبعينات ، وأوائل الثمانينات، من القرن الماضي..وتجربة (سرايا أبي عمارة) القائمة، اليوم؟
وهل حسَبوا فرق الكلفة : البشرية والمادّية ، بين احتلال مدينة ، من قبلهم، وتدميرها، من قبل العدوّ .. وبين النكاية بالعدوّ ، في عمليات خاطفة ، دون كلفة تذكر!؟
وهل هم مجبَرون ، على احتلال المدن والبلدات ، من قبل جهات معيّنة ، أو من خلال معطيات الصراع ، ومجرياته على الأرض .. أم يرون هذا البديل، أفضل البدائل المتاحة لهم ، أو أقلّها سوءاً !؟
أسئلة نطرحها ، على الجميع ، كما ذكرنا ، في بداية هذه السطور، لعلنا نحظى بإجابات ، مريحة مقنعة ، دون أن نحمّل أحداً ، أيّة مسؤولية ، عمّا جرى ويجري ، سوى النظام النصيري الخائن ، وسادته المجرمين ، من قادة روسيا الصليبية ، وإيران الرافضية الوثنية !
ودون أن ننسى البطولات الرائعة ، لفصائل الجهاد ، والتضحيات الجليلة ، التي قدّموها ، دفاعاً ، عن الأمّة ، وأبنائها ، وأعراضها !
وختاماً نقول: لسنا أرحم من الله ، بعباده ، لذا ؛ نسأله الرحمة..ولسنا نعلم حكمته، فيما جرى ويجري ، على عباده ، في الشام ! لكنا نبحث ، في الأسباب البشرية ؛ لتلافي أخطائنا ، إذا اكتشفنا ، أنها كانت جزءاً ، من الأسباب ! ولسنا نلوم أحداً، من شعبنا ، على مناجزته ، لهذه العصابات المجرمة ، التي تحكمه ، والتي يجب على كلّ حرّ، مقارعتها ، بالأساليب والوسائل ، المشروعة المتاحة ، كلها..يوجب ذلك: الدينُ ، والمروءة ، وإنسانية الإنسان !
والأرضُ لله يُورثها مَن يشاء مِن عبادِه !
وسوم: العدد 767