الإسلام والديمقراطية

عبد الله عناية الأحوازي

عبد الله عناية الأحوازي

الجدل بين الاسلام و الديمقراطية تلقى الكثير من الحوار و البحوث منذ دخول الديمقراطية في اذهان و عقول الشعوب و الأنظمة الاسلامية ، فهناك من يراها منافية للشريعة و الاسلام و هناك من يفسرها و يطبقها على التعاليم و الفكر الاسلامي .

بغض النظر على من يراها منافية للاسلام و الشريعة اود ان اسلط الضوء هنا على تطبيقها و علاقتها بالمبداء الاسلامي الحنيف و الشريعة التي حكمت بها الشعوب و الامة الاسلامية في العصور القديمة و الحاضرة .

لان الديمقراطية تحظى بتأييد و مكانة مرقومة في الساحة العالمية و قل ان نجد نظاما منافسا لها ، و تطبيقا منها في الاسلام و تأييدا لها من علماء المسلمين الذين قارنوها بمباديء العدل و الشورى في الاسلام فوضعوا مصطلح " بديمقراطية الاسلام " و ادعى بعضهم ان الاسلام صاحب السبق بالتزام منهج الديمقراطية باعتبارها مقياسا مطلقا دون النظر على ان يتقاطع و يختلف المسمى الاسلامي مع المسمى الغربي على مبداء " لا مشاحة في الاصطلاح " .

فشورى و عدل الاسلام هما عين المفاهيم الديمقراطية و القوا في ذلك كتبا و مقالات اشادوا بالديمقراطية و ميزتها و توافقها مع الدين الاسلامي و من اواخر ما ظهر من مصطلحات في تركيا " الديمقراطيون المحافظون " كأشارة الى المنهج الذي يتبعه السياسيون الاتراك . كما وصف القانوني الامريكي نوح فيلدمان " الاتجاه الديمقراطي الاسلامي بانه سيد الساحة السياسية في المستقبل لان الدين و الديمقراطية تقنيات مجتمعية لتحقيق العدالة و الرفاه و من الطبيعي اتفاقهما و ليس اختلافهما " .

في هذا السياق و الدافع الاقوى لكتابة هذا المقال انتشار و اعتناق السريع الشعب الأحوازي للدين الحنيف و السلف في السنوات الأخيرة اختلطت الامور و المفاهيم على البعض دون التعمق بالافكار و التعاليم الاسلامية الصحيحة و المقبولة في عصرنا الحديث ، نشاهد من هنا و هناك هجوما لاذعا على الافكار الديمقراطية و على الذين يتبعون هذه الافكار المتجددة بالالحاد و الكفر دون وعي او بوعي بغية التنكيل و اللضرب بالشخصيات او التنظيمات الأحوازية .

لذك علينا ايضاح بعض الأمور حتى لا ينخرط الاخرون وراء هذه الاتهامات المغيتة و الضاربة للقضية الاحوازية و تأثيرها السلبي على مستقبل مشروعنا الوطني التحرري و بث الفتن بأدلة واهية و من منطلق ضيقة نظر البعض للتفاسير الدينية و المذهبية .

الديمقراطية ليست منافية للاسلام و التعاليم الاسلامية بل النهج الاسلامي الحنيف هو اول ما طبق الديمقراطية في عهد الخلافة الاسلامية بعد وفاة الرسول صلوات الله عليه حين ما حكم الخليفة الاول ابوبكر و يليه الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم اجمعين ببيعة من الأنصار و المهاجرين و تطبيقا لهذه الفكرة التي انشأت الانتخابات و التصويت على قرار العصر الحاضر، لان كل العصور ما قبل الاسلام كان النهج السائد فيها بحكم الامبراطوريات و السلاطين بالتنصيب و او بالوراثة و لم يكن للشعب و ارادته دورا بانتخاب الحاكم او ادارة الحكم . فالاسلام اول ما رسخ الافكار الديمقراطية و اول ما طبقها في ادارة الدولة الاسلامية انذاك . فعلينا كجزء من الامة الاسلامية الابتعاد من التفاسير اللاعلمية و التبعية العمياء لنتخذ الاعتزاز بالديمقراطية كمنهج منبعث من الروح و المدرسة الاسلامية العقائدية في بناء الدولة و ادارة الشعوب .

ان الديمقراطية مقابل الفكر الديكتاتوري و الحكم المنفرد و الاستبداد و لم يكن خيار ثالث للحكم في عصرنا هذا فعلينا بقبول جهة من الأثنين الديمقراطية ام الديكتاتورية ؟ الاحزاب الأحوازية تتطلع الى المستقبل المشرق بادارة شعب محرر من العبودية فعلينا بقبول و اخذ النهج الديمقراطي الموازي لعقائدنا الوطنية و الاسلامية على قرار ادارة بلد محرر من العبودية و الشمولية و الانفراد بالرأي و هذا لم يتنافى مع الاسلام بل الاسلام بعينه .

اذا تبحرنا و تعمقنا بمفهوم الديمقراطية نجد كل ما فيها من عدالة و مساواة و الرفاهية و نبذ العبودية هي ليس مستوردة علينا بل نفس المنهاج التشريعي الاسلامي و تطبيقها باحترام الرأي و ادارة الدولة لكن بمسمى اخر .

كذلك الشورى الذي يؤكد عليها الاسلام هي نفس المفهوم الكلاسيكي اليومي في انشاء المجالس و البرلمانات التي تمثل الشعوب في الحكومات المعاصرة و الحديثة ، فهذا دليل اخر على سبقية الاسلام بين الشعوب و الأديان و القوانين الدولية و القانونية و المدنية بتطيبق المشروع الديمقراطي . و بهذا السياق أدلة كثيرة و دامغة تثبت الروح الأصيلة للديمقراطية و ارتباطها بالفكر و المشروع الاسلامي تحتاج الى كتابة مطولة جدا لذك اكتفي بهذا الحد حتى لا يطال عليكم الكلام اكثر.