الشام والعراق أكبر من مسؤولية أهلهما
منذ عام 2013، والحدث السوري لم يعد سورياً، فقد استطاع الشعب السوري -المنتفض بثورة عارمة- إسقاط العصابة الطائفية الجاثمة على صدره لنصف قرن تقريباً، وفي غضون عامين فقط، وبعد هذا التاريخ، حدث أن تدخلت قوى إقليمية وميليشيات طائفية، جلبتها العصابة الطائفية الحاكمة لدعمها ومساندتها، في المشاركة بذبح وتهجير وقتل من يفترض أن يكون شعبها، لكن ظهر للجميع أنه عدوها الأول والأخير.
واصل الشعب السوري انتفاضته وثورته، حتى تمكن من هزيمة الداعم الإقليمي للعصابة الطائفية، فاستنجد هذه المرة بالاحتلال الروسي، فتدخلت موسكو عام 2015، بعد أن اقتصر دعمها -خلال السنوات الماضية من الثورة- على الدعم العسكري والتسليحي، بالإضافة إلى التصويت لصالحه في مجلس الأمن الدولي.
بالعودة إلى التجربة الأفغانية، حين غزت قوات الاتحاد السوفييتي أفغانستان عام 1979، لم ينتظر يومها علماء الأمة أكثر من 4 سنوات، حتى أعلنوا فرضية الجهاد العيني على كل المسلمين بالمال والسلاح والنفس والنفيس، لرد عاديات الاتحاد السوفييتي، اليوم وبعد أن دخلت ثورة الشام سنتها الثامنة، ولا نسمع أي صوت من هذا القبيل، ولو بوجوب فرضية دعم الثورة بالمضاد للطيران، لرد هذا التدمير الهمجي للشام وأهله.
لا يستطيع الشعب السوري، ولا الشعب العراقي، مواجهة أعداء أكبر من حجمه، ولا يستطيع مقاومة كل هذا التكاتف والتعاون الطائفي والدولي ضده، بينما الشعوب العربية والمسلمة بعيدة كل البعد عن همومه ومعاناته، ولا يزال الآخرون يظنون أنهم بمنأى عن المحرقة العراقية والسورية، ولم يدروا أنهم الهدف التالي، بعد أن دخلت اليمن ضمن استهدافاتهم، والحبل على الجرار.
يدعو البعض إلى تفعيل الدور العربي، ولكن من البوابة الغلط، إذ إن العودة إلى سوريا من بوابة الميليشيات الكردية خطأ كبير، في ظل تفريغ دمشق وضواحيها من أهل السنة والجماعة، وهو ما يهدد أول عاصمة للدولة الإسلامية الكبرى، بتفريغها من سكانها الأصليين، ويأتي ذلك مع انهيار فصائل إسلامية محسوبة على دول معينة، كما حصل مع جيش الإسلام وغيره، وبالتالي فإن العودة إلى سوريا من البوابة الكردية، ربما تزيد من تعقيد المشهد بدل تسويته، فضلاً عن الفشل في مساعدة السوريين بتخفيف آلامهم ومعاناتهم، من خلال هذه العودة الممثلة بطرح نشر القوات في الشرق السوري.
الحل الحقيقي هو بعودة الدور العربي من بوابته الشرعية الممثلة بتركيا، كونها هي التي وقفت مع معاناة الشعب السوري منذ اليوم الأول ولا تزال، على الرغم من المؤاخذات أحياناً على الموقف التركي، ولكن مع تقاعد الدور العربي، ما الذي يمكن أن تفعله تركيا في مواجهة مؤامرة إقليمية ودولية عليها وعلى الشام، وبالتالي ما لم يتم التنسيق بين تركيا والدول العربية الراغبة في مساعدة السوريين، فإن ما دونه سيكون وبالاً على المنطقة، وعلى السوريين تحديداً، وسيكون الوجود الأجنبي لتحقيق أجندات دول ضيقة لا علاقة لها بالشعب السوري وثورته، وهو ما رأيناه في اليمن، حيث حوّلت الدول معاناة اليمنيين لتسجيل أهداف من أجل مصالحها الضيقة، وهو ما يهدد مصالحها على المدى القريب والبعيد، ويطيح بمصالح اليمنيين أنفسهم.
وسوم: العدد 771