السقوف والهوامش ، الممنوحة للحكّام والمحكومين ، في دول الاستبداد !
سقف صانع القرار، في الدول الديموقراطية ، هو: دستور دولته ، ومصالحها العليا .
وهامش حركته، داخلياً، هو: النسق الداخلي، المكوّن من: الدستور، والقوانين، والمصالح العليا.. ومصالح: القوى، والأحزاب، وجماعاتِ الضغط.. والإعلام، والفئات المختلفة، في بلاده!
كما أن هامش حركته ، خارجياً ، هو: النسق الدولي - بما فيه ، من : قوى ، ومصالح ، وتحالفات ، وتجاذبات.. متشابكاً مع النسق الداخلي ، في بلاده ! - .
أمّا سقوف صناع القرارات ، في المراتب التي دون العليا ، فهي : سلطات أصحاب القرارات العليا - رئيس الجمهورية .. رئيس الوزراء - في إطار النسق العامّ ، الذي يحكم الدولة ، وأهمُّ مكوّن فيه : الدستور، والمصلحة العليا للبلاد
أمّا صناع القرار، في الدول المستبدّة ، في بلادنا ، فسقوفهم هي : ماتمنحهم إيّاه الجهة الخارجية ، التي وضعتهم ، في مناصبهم .. بما يناسب مصالحها ! وقد لايرتفع سقف صانع القرار، عن رأسه ، سوى عشرة سنتيمترات ، فإذا رفع رأسه ، قليلاً، اصطدم بالسقف ، الذي قد يكون قبضة يد ، أو قبضة مسدّس ، أو نعل بسطار عسكري !
أمّا هامش حركته ، فهو: ما يمنحه إيّاه ، صاحب القرار الأعلى الخارجي ، الذي نصبه على كرسيّه ، وجعله وكيلاً عنه ! وقد لايزيد هامش الحركة ، عن متر واحد، نصفه عن يمينه ، ونصفه عن شماله .. يتحرّك ضمنه صانع القرار الأعلى ، في الدولة ، حتّى في إطار مصالح بلاده الداخلية ، وأنشطتها الأساسية : كالزراعة، والصناعة ، والتجارة ! بل ؛ وفي أسعار الموادّ التموينية ، والسلع الأساسية : كالماء والكهرباء– إرضاءً للمؤسّسات المالية الدولية ، كالبنك الدولي ، وصندوق النقد الدولي، التي يتحكّم بها ، صانع القرار الخارجي الأعلى - ! وحركةُ صانع القرار الأعلى الداخلي ، خاضعة للنسق العامّ ، في دولته ، والذي هو– أي: صانع القرار الداخلي- قطب الرحى فيه ، بل ؛ هو النسق ، ذاته ! إذا سقط عن كرسيّه ، اضطرب النسق كله ، ثمّ تلاشى .. ودخلت البلاد، في حالة فوضى ، حتى يحكمها نسق جديد ، يشكّله حاكم جديد ، موكّل من قبل صانع القرار الخارجي الأعلى ! وأيّ معارض لقرار، من قرارات الحاكم الأعلى ، هو - بالضرورة - عدوّ للنسق ، كله ، أيْ : للنظام الحاكم ، ساعٍ إلى تدميره ! فهو، يستحقّ أقسى عقاب ؛ لأنه : خائن للوطن، عدوّ للشعب !
أمّا مَن دون الحاكم الداخلي الأعلى ، من رجال سلطات : تنفيذية وتشريعية .. فسقفهم هو: مايمنحهم إيّاه الحاكم الأعلى ، في بلادهم، الذي تعَدّ سلطاته، سقفاً لهم ، ولسلطاتهم !
فمجلس النواب – مثلاً- محكوم ، بالسقف الذي يضعه الحاكم ، بما يناسب سقفه ، هو- أي: الحاكم- الممنوح له ، من قبل صانع القرار الخارجي ! ويتحرّك – أيْ: مجلس النواب - ضمن النسق ، الذي يصنعه الحاكم الأعلى الداخلي ، والذي يشكّل فيه ، هو، قطب الرحى ، أو عمود الخيمة ، الذي إذا وقع ، وقعت الخيمة ، على رؤوس الجميع !
وقد يحلم بعض النواب ، في بعض الدول ، بسقف مرتفع ، قليلاً ، في مجال الحرّيات العامّة ، أو سلطات الهيئات التشريعية .. فيهمس ، في آذانهم ، أحد رجال الحاكم الأعلى : (لاجودَ إلاّ بالموجود..احمدوا ربّكم ، على نعمة الهامش المتاح لكم، والسقف الممنوح لكم ، ولو كان سنتيمتراً واحداً ! فهو خير من لاشيء..! أفلا ترون الدول المجاورة ، وما فيها ، من ضيق في الهوامش، يكاد يخنقها .. وانخفاض ، في السقوف ، يكاد يسحقها !؟ وهل تحلمون ، بأن يمنحكم السيّد الأعلى ، سقفاً ، أعلى من السقف الممنوح له ، وهامشاً ، أوسع من الهامش المعطى له !؟ أم لعلّكم لا تعرفون النسق الدولي ، الذي تعيش فيه بلادكم ، والتي يُعدّ نسقها، جزءاً منه، لاتستطيعون تغييره، إلاّ بفوضى عارمة ، كالتي حصلت في بلدان أخرى! فلمَ تعرضون أنفسكم، لمؤاخذة السيّد الأعلى .. أو لفقدان مناصبكم ، لاسمح الله !؟
فيفهم السادة النوّاب- ممثلو الشعب!- كلام الناصح المخلص، ويلزم كلّ منهم حدّه ، و سقفه!
وسوم: العدد 774