الفجور القادم من فرنسا
يعرف الجزائريون أن خلف كل مؤامرة أو ضائقة أو مخطط للإفساد يستهدف بلدهم توجد يدٌ فرنسية حتما...هذه مبالغة وتفسير تآمري ؟ بل هذه حقيقة ماثلة لا يُنكرها إلا الفرنكوفيل ( وأغلبهم – فيما يبدو- من ذرية 15000 الذين صوّتوا ضد استقلال الجزائر في استفتاء 1962).
آخر الحلقات يتمثل فيما يسمى " بيان الثلاثمائة " الذي يطالب المسلمين جهارا بحذف الآيات القرآنية التي " تدعو إلى قتل اليهود والمسيحيين والملحدين."... هكذا بكلّ وقاحة يؤكد الموقّعون أن كتاب الله يدعو إلى قتل هؤلاء !!! أين وجدوا هذا ؟ لكن ليس هذا موضوعي هنا إنما هو تلك الأسماء " الإسلامية " التي وقّعت البيان، هم تسعة وسط أغلبية ساحقة من متطرفي اليهود الفرنسيين أمثال برنار هنري ليفي وأنريكو ماصياص وحتى المؤرخ " المعتدل " بنيامين ستورا الذي تهواها الصحافة الفرنسية الصادرة في الجزائر.
أجل ، مسلمون انضموا إلى هذه المطالب الملحّة، بل أكثر من ذلك ، أربعة منهم أئمة مساجد في فرنسا، على رأسهم التونسي حسن شلغومي المشهور باصطفافه الواضح مع الصهيونية العالمية ومعاداته للمسلمين وقضاياهم ( تقول التقارير الصحفية الفرنسية الجادة إنه من عملاء المخابرات هناك ، مهمته اختراق الجالية المسلمة وتشويه صورتها بل وتشويه الإسلام ذاته، وهي مهمة يؤديها بكلّ حماس منذ مدة طويلة حتى أصبح يُستقبل في تل أبيب كبطل من أبطال ...السلام ).
من هؤلاء رجل دينُه العلمانية هو " محمد قرومي "، وفلسطيني ملحد هو " وليد الحسيني " ، وآخر يدور وجوده بين تأليه العلمانية والفينميزم هو " نعيم بسطانجي "، ونكرة لا أعرفه اسمُه " سليم موسى "، ومعهم البطل الجزائري الكبير – كما يحبه غلاة العلمانيين التغريبيين الاستئصاليين في الجزائر: بوعلام صنصل، المعروف بانتصاره للصهاينة ضدّ الفلسطينيين ، وهو يُستقبل بحفاوة في القدس المحتلة ويرتدي هناك قبة اليهود ويبكي معهم في حائط البراق.
لكن الذروة مع واحد يصفه البيان بالمفتي ، اسمُه محمد علي قاسم...نعم ، مفتٍ يدعو إلى الانتقاص من القرآن !
هكذا هي حصوننا: مهددة من داخلها.
تذكرتُ حديث حذيفة بن اليمان الذي رواه البخاري ومسلم : " دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها، قلت يا رسول الله صفهم لنا، فقال هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، قلت فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم ..."
والحقيقة أن نحو ثلاثين إماما من فرنسا سارعوا مشكورين إلى أمضاء عريضة تردّ على تلك المطالب الجائرة السخيفة فما كان من " محمد قرومي " إلا أن هاجمهم بشدة في مقال ناري يعجز عنه اليمين المتطرف .
خطر هؤلاء المندسين أكبر من الأعداء بالأصالة لأن خصوم الإسلام يجدون فيهم حجة علينا ، وما أكثر غلاة العلمانيين والملحدين من أصل مسلم الذين يحاربون دين الله بشتى الوسائل ويتحالفون مع أعتى الأعداء بمزاعم مواجهة الإرهاب والدفاع عن اليهود " المضطهدين "، وأنا متيقن أنه لو كان محمد أركون على قيد الحياة لكان أول الموقّعين على البيان الآثم ، ولا غرابة في ذلك ، فقد قضى حياته يهدم القرآن هدما " علميا " ويدعو بصراحة إلى دين جديد هو العلمانية والتغريب، ولا غرابة مرة أخرى فقد كان عضوا في لجنة " ستازي " التي أوصت بمنع الحجاب في فرنسا ، ومعظم الموقعين على بيان اليوم هم من مدرسته التغريبية، وكم في بلادنا من يحملون أسماء محمد وعلي وسعيدة وهم حرب على الإسلام ...أليس هذا هو حزب فرنسا ؟
نعم ، القرآن أكبر منهم ومن كيدهم، لكنهم استطاعوا نقل الأمة من مواقع الفعل إلى موقع الدفاع، وهذا في حدّ ذاته خسارة كبرى لنا ، ومهما يكن فإننا نعيش ونموت ونحن نحمل بغض فرنسا وعبيدها في قلوبنا إلى قبورنا.
وسوم: العدد 775