تركيا الخطر الأكبر على الديموقراطية!

مركز أمية للبحوث و الدراسات الإستراتيجية

لا تندهشوا من العنوان وتأنّوا في الحكم عليه حتى تقرؤوا المقال كاملًا.

 فإنّ المتتبع للشأن التركي يكاد ينبهر من اهتمام غير الأتراك بالانتخابات التركية وبنتائجها أكثر بكثير مما نتوّقعه، فلماذا يهتمُّ بها غير الأتراك كل هذا الاهتمام؟ والجواب: فيما أظنّه واضحًا وضوح الشمس في رابعة النهار، فالمواطن العربي الذي يعيش في تركيا منذ زمن بعيد أو قريب، والذي يقرأ عنها؛ قد لمس وشاهد حجم التقدّم الذي وصلت إليه تركيا في شتى مجالات الحياة إنسانيا كان أو ديمقراطيًّا أو تنمويًّا أو معيشيًّا بلغ حدّ الانبهار.

 وكما هو معروف بأنّ المواطن العربيّ المقهور في بلده والمغلوب على أمره لم يعتد هكذا تطوّر ولم ير هكذا إنجاز في أيٍّ من بلاد المسلمين، رغم وجود كلِّ إمكانات النهوض في بلده الأم أو في البلدان الأخرى. فمهما كانت تلك البلدان غنيًّة تجد بأنّ غالبية سكانها تعاني الفقر والفاقة والحرمان وتعيش ظروفًا قاسيًة لا تحسد عليها...

 لذلك نجد بأنّ المواطن العربي يخاف أن يفقد تلك اللذّة في معايشة هذا الارتقاء العالي لتركيا، وبدأ يعضّ بالنواجذ والأنياب على مشروعها الحضاريّ الرائد وكلّه أملٌ في أن يستمرّ هذا المسار الديموقراطي الراقي في التطوّر والنماء، ذلك أنّه وجد في تركيا ما فقده في بلاده.

 فتركية -حفظها الله ورعاها ورعى أهلها قيادًة وشعبًا-أضحت كالأم الرؤوم لكل هذه الفئات المقهورة من الشعوب وغدت المثل الأعلى لهم كدولةٍ أخذت تبني نفسها بكلِّ جدارةٍ واستحقاق وسط أمواجٍ عاتيةٍ من العداوة والبغضاء ضدّ مشروعها الحضاري (من الشرق والغرب...) تلك الدول التي لا تريد لها أن تكون نموذجا حيًّا لباقي البلاد التي طاما عسعس فيها الخراب والفساد...

 فهم يريدون لها أن تفقد كلّ معاني الكرامة وملامح القوّة ويسعون جاهدين كي يخنقوا هذا الحلم الكبير _حلم كل إنسان مسلم_ وهو رؤية تركية دولةً عظميةً تقف إلى جانب الضعفاء والمقهورين...

فهل نفقه ذلك؟!

وهل يفقه الإخوة الأتراك هذه المعادلة؟!

 فهذه المعادلة متعلّقة بنجاح المشروع الحضاري التركي إذ انّ نجاحه يعني أول ما يعنيه خروج الشعوب المسلمة المقهورة من النفق المظلم الذي تاهت فيه دهورًا عديدة...

 ونجاح تركيا هو نجاحٌ لكلِّ بذرة أمل في عودة الأمّة قويّة البناء، متماسكة الأجزاء قادرة على النهوض وتحطيم القيود وتكسير الاصنام التي عبثت بمستقبلها حينًا من الزمان...

 ونجاح تركيا هو نجاح إرادة الشعوب في الحياة الحرة الكريمة ...

 ونجاح تركيا يعني كشف سوءات المشاريع العربية المزيفة الفاشلة وفضحها وتعريتها أمام شعوبها.

 ونجاح تركيا يعني بداية النهاية لتلك الأنظمة الفاشلة والمتآكلة والتي جثمت فوق صدر الأمة أعوامًا عديدة...

 وأخيرًا فإن نجاح تركيا سيعقبه نجاحات متتالية في طول البلاد الإسلامية وعرضها، وهذا ما يخشاه الغرب وأذناب الغرب...

فهل من مدكر!!!!

وسوم: العدد 777