علي أكبر ولايتي وزيراً للخارجية الإيرانية

مركز أميه للبحوث والدراسات الإستراتيجية

مستشار المرشد للشئون الدولية "علي أكبر ولايتي" يحطّ على عجل في موسكو، حاملاً في جعبته تصوراً حول توسّط موسكو مع واشنطن، في اللقاء المزمع اجراؤه بين بوتين وترامب في "هلسنكي" قريباً، والتفاوض مع إسرائيل، حيث تتزامن زيارته مع وجود نتنياهو في موسكو، حتماً هما لم يأتيا صدفة لحضور المباراة النهائية لبطولة كأس العالم في موسكو. لكن لماذا قام المرشد خامنئي باختيار "ولايتي" لهذه الزيارة؟ وفي هذا التوقيت الحساس بالذات ؟، ومن قبلها زار لبنان وسوريا؟ وما هو الدور الفعلي المناط بوزارة الخارجية الإيرانية ؟، ووزيرها ظريف الذي هو فعلاً" ظريف"؟!

 لا شك بأن ولايتي ليس مبعوثاً عن الرئيس روحاني، كما تدعي (وكالة تسنيم للأنباء) المقرّبة من الحرس الثوري والتي تستشهد بإرسال مستشار المُرشد الأعلى كمبعوث خاص لرئيس الجمهورية، وأعتقد أنها نكته سمجه في هذا التوقيت العصيب الذي تمرّ به إيران؟

 كما تلاحظون لقد بدأ فعلياً تجريد روحاني وحكومته من الصلاحيات المحدودة الممنوحة لهم، والانتقال إلى الجانب "البروتوكولي"، حيث كانت هناك دائمًا مشكلة رئيسة ومستعصية في نظام وزارة الخارجية الإيرانية ووزيرها، لإعطاء انطباع عن مؤسسية الدولة الإيرانية "المدنية"، وبعبارة أخرى بدأ الانتقال العلني والفعلي إلى دور الحكومة الموازية "الحكومة الثورية"، وفي الحقيقة هُما موجودتان بالفعل، لكن أن يتم نقل زمام المبادرة علناً إلى مكتب "خامنئي"، بعد توجيه نقد حاد إلى روحاني وحكومته، وترأس خامنئي أول أمس لجلسة مشتركة مع السلطة التنفيذية وسلطات الدولة الأخرى، طالباً إنزال العقاب على كل المخطئين، وتحويل الموضوع الاقتصادي والمالي لوزارة المخابرات للتحقيق فيه ، ومحاسبة كل المقصرين مهما كانوا .

 في الحقيقة إن إيران على وشك الإعلان عن تدشين "مراحل المقاومة البطولية" كما تقول من خلال تدشين مراحل المنازلة الاقتصادية مع واشنطن، وهي مخططات دعائية لذرّ الرماد في العيون ليس إلاّ، في حين لم تبدأ العقوبات بعد. والواقع كما ترون فإن الاقتصاد الإيراني قد بدأ في التدهور والسقوط الحر وهذه الحقيقة يحاول الساسة الإيرانيون وفي مقدمتهم "خامنئي" الهروب من استحقاقاتها، وإيجاد خطط ليست للمراوغة، بل لإيجاد حلّ قبل أن تبدأ الأزمة في الفتك بعظم الولي الفقيه وزبانيته، ولأن مستقبل الجمهورية والثورة الإسلامية نفسها بات على المحكّ.

 لذلك فضّلَ المُرشد الإيراني الإسراع بإرسال قادة "الحكومة الموازية" صاحبة الولاية العامة، و التي تقود الدولة والثورة فعلياً بدلاً من السيد "ظريف"، وزير الخارجية الرسمي إلى موسكو للتفاهم حول الصفقة الشاملة مع واشنطن وتل أبيب لإنقاذ النظام الإيراني من الانهيار، فقد منح "ولايتي" سلطات وصلاحيات واسعة ، بحيثُ سيكون قادراً على التفاوض على أدقّ التفاصيل مع "فلاديمير بوتين"، و يمتلك أيضًا الصلاحيات اللازمة، في اعطاء امتيازات استثمارية لروسية في إيران قد تصل إلى (50) خمسين مليار دولار لفتح شهية موسكو على التدخل لدى واشنطن لإنقاذ النظام الإيراني، في الوقت الذي تعاني منه "روسيا" نفسها من العقوبات الأميركية وتسعى لإنقاذ رقبتها أيضًا. وباعتبار أن روسيا لديها بالتأكيد القدرات التقنية في مجالات النفط والغاز، وتُعتبر بديلاً مؤقتاً وجيداً يحلّ محلّ الشركات الغربية التي حزمت حقائبها وهربت من إيران، خشية من العقوبات الأميركية، لقد وضعت إيران قواعدها العسكرية تحت تصرف الروس في وقت سابق، في سابقة فريدة في تاريخ الثورة " الإسلامية " الإيرانية الحديث.

 من المؤكد أن تكون الحقيبة التي يحملها "ولايتي" في الأساس تحتوي أزمات المنطقة كلّها لوضعها على الطاولة، وأن لقاء "بوتين" مع "نتنياهو" سيكون فيه قيصر روسيا هو "عرّاب" الصفقة الإيرانية مع إسرائيل من ناحية، وعرابة الرضوخ الإيراني للانحناء أمام العاصفة الأميركية التي توعّد بها ترامب. وتفضي إلى وضع جميع الملفات للتفاوض عليها مع واشنطن لتشمل؛ الإقليمي والنووي والصاروخي.

وسوم: العدد 781