العالم على شفا هاوية - الصراع على النفوذ -
العالم على شفا هاوية
- الصراع على النفوذ -
محمد هيثم عياش
برلين /23/03/14 لا أحد يستطيع الجزم ما الذي ستسفر عنه نتائج الازمات السياسية والنزاعات العسكرية التي تشهدها حاليا مناطق باوروبا والشرق الاوسط ، فوقوع حرب عالمية ثالثة امر مستبعد في الوقت الراهن فلا احد من الدول التي يُطلق عليها بالقوى / العظمى / على استعداد لشن حرب على دولة عظمى مثلها فشمس الولايات المتحدة الأمريكية كقوة عسكرية واقتصادية كبرى ولها تاثيرها السياسي على مجريات الاحداث في العالم قد أفلت الا ان الادارة الامريكية تسعى لإبقاء شمس بلادها شعاعا خافتا لا يضر ولا ينفع وروسيا الاتحادية الذي يحاول رئيسها فلاديمير بوتين العودة الى مجد القيصرية الروسية والبلشفية الشيوعية باستهانته بالغرب الذي يرفض سياسته التوسعية في اوروبا من خلال ضمه شبه جزيرة القرم وتشجيعه سكان مناطق اوكرانيا الشرقية بالانفصال عن الغرب الاوكراني فهو يجوب روسيا مجيئة وذهابا ويمتطي حصانه بأدغال سيبريا ويمارس السباحة ورياضة الـ / جيدو / والـ / كاراتيه / يريد بذلك ابراز عضلاته القوية أمام الغرب وان روسيا قادرة على رد الصاع صاعين علما ان شمس روسيا والاتحاد السوفييتي قد أفلت ولم يبقى لها شعاعا وما يجري انما هو بصيص ضوء خافت تغطيه الغيوم والضباب وظلمات بعضها فوق بعض لا يكاد يرى ما تحتها الا بصعوبة .
أما الاتحاد الاوروبي فيعتقد المرؤ دوله جمعا الا ان سياستهم شتى متباعدة الأهواء ودوله الغنية القوية اقتصاديا مثل المانيا وفرنسا تتصارع على الزعامة الاوروبية فالاتحاد الاوروبي فاقد هيبته ويسعى للتماسك لوضع حد لشماتة امريكا وروسيا به . ومجلس الامن الدولي التابع لمنظمة الامم المتحدة فهو لم يعد ذلك المجلس الذي تخشاه دول ترتكب جرائم بحق شعبها وتعتدي على الغير بذلك المجلس الذي يعلن الحرب على دولة ما ويسعى لاحلال السلام بدولة أخرى . فمنذ بدء انتفاضة الشعب السوري وعدم اتخاذ المجلس المذكور سياسة حزم وحسم وعزم ضد رئيس نظام سوريا بحجة نقض / فيتو / روسيا والصين وغيرهما فقد ذلك المجلس هيبته ، بل اشارت نسبة وصلت الى 78 بالمائة من خلال استطلاع قام به معهد آراء الشعوب التابع للاتحاد الاوروبي شمل حوالي 35 الف شخص من دول الاتحاد الاوروبي خلال الفترة ما بين 5 شباط / فبراير و 25 منه 2014 ضرورة إلغاء المجلس الحالي والسعي لتحديثه بينما قالت نسبة وصلت الى 30 بالمائة الغاء منظمة الامم المتحدة لأنها لا تمثل شعوب العالم ووصفت نسبة وصلت الى 40 بالمائة مجلس الامن الدولي بمجلس الدول الامبريالية لأن الخمسة الاعضاء الدائمين به دول احتلال انتهكت حقوق الانسان وأيديها ملطخة بدماء الابرياء .
جاء هذا بندوة احتفاء بالصحافي الالماني وخبير العالم الاسلامي بيتر شولاتور لبلوغه سن التسعين من عمره دعا اليها معهد فريدريش ناومان للحرية الذي يشرف عليه الحزب الديموقراطي الحر / الليبرالي / الذي مني بالانتخابات البرلمانية التي جرت عام 2013 الماضي بضربة موجعة أفقدته مقاعده من البرلمان الالماني بعد ان ظل فيه لاكثر من خمسين عاما يومي السبت 22 والاحد 23 آذار/مارس 2014 . شارك بندوة الاحتفاء وجوه تمثل السياسة والاعلام اذ لا أحد يستطيع الاستغناء عن الصحافيين الذين هم حلقة وصل بين الشعب والسياسة ، ومن يقول من السياسيين بأن على المرء ان لا يأخذ السياسة من الصحافيين يهين نفسه فلا يوجد سياسي بالعالم اصبح سياسيا الا من قِبَل الصحافيين الذين هم أصحاب فضل على السياسيين .
ووصف شولاتور ما يجري بمنطقة الشرق الاوسط بمؤامرة امريكية روسية لتفتيت دوله ، فقد استطاعت امريكا بزرع الحقد بين اهل العراق ومحاباتها فريق على فريق بتلك الدولة . أما سوريا التي كانت كهفا لشعوب تعرضت للاضطهاد ومن مأساة حروب اهليه فتح أهلها بيوتهم لتلك الشعوب مثل اللبنانيين والفلسطينيين وشعوب مسلمة اخرى أصبح اكثر شعبها لاجئا جراء تقاعس الدول الكبرى عن إنهاء مأساته من نظام فقد جميع معاني الانسانية بل فاقت وحشيته وحشية التتار / قبل اعتناقهم الاسلام /اذ طغوا في بلاد المسلمين وقضوا على الخلافة العباسية ومارسوا سياسة الارض المحروقة في اوروبا التي وصلوا اليها الى بولندا واوكرانيا عبر روسيا . أما الوضع في العراق حاليا غامض للغاية فالاعلام الالماني والاوروبي يتكتم على ما يجري فيه فقد اصبح شبيها بوضعه بعيد اطاحة المغول .
يحكم العراق حاليا حكومة عنصرية تمارس التمميز الديني ، فأعضاء هذه الحكومة كانوا وراء تحريض الامريكيين على احتلال بلادهم ، وقد أكد رئيس حكومة تلك الدولة نوري المالكي بمقابلة أجرته معه مجلة / شبيغل / في عددها الذي صدر يو 17 آذار/ مارس الحالي ضرورة بقاء المحور الشيعي الممتد من ايران حتى جنوب لبنان عبر سوريا قويا لمواجهة المحور السني الذي تقوده السعودية ودول الخليج العربي وتحاول تحطيمه في سوريا ، صحيح ان المسلمين من اهل السنة في سوريا يعتبرون السواد الاعظم الا ان تشييعها والقضاء على التكفيريين ، / ويقصد بذلك السلفيين الذي وصفهم بالوهابيين وميليشيات اسلامية أخرى وإبقاء بشار اسد رئيسا على تلك الدولة ضرورة ملحة وذلك لحماية وقف اطلاق النار بين السوريين ومعهم اللبنانيين وبين الكيان الصهيوني . الوضع في العراق حاليا قاتم للغاية شبيه تماما بوضعه بعيد احتلال المغول للعراق وقتلهم الخليفة المستعصم بالله آخر خلفاء بني العباس في العراق ، فقد بقي العراق لعشرات السنين لا أحد يعرف ما يجري فيه الى أن جاء العثمانيون وقاموا بتطهيره من موالي المغول . العراق الآن مثل ما وصفه اسحاق بن حسان ابو يعقوب الخريمي يرثي بها بغداد أثناء الفتنة بين الامين والمأمون :
يا بؤس بغداد دار مملكة دارت على أهلها دوائرها
أمهلها الله ثم عاقبتها لما أحاطت بها كبائرها
أما عن سبب تأخر انتصار الشعب السوري على الطاغية بشار أسد فيعود سببه الرئيسي على حسب رأي خبيرة شئون الشرق الاوسط واستاذة مادة العربية والاسلام في جتمعة برلين الحرة جودرون كريمر الى المعارضة ، فالشعب السوري معروف بحبه الزعامة وأكثر الذين دخلوا بما يطلق عليه بالمجلس الوطني وبائتلاف قوى المعارضة السورية دخلوا به لطموحات سياسية وليس من اجل مصالح وطنية اضافة الى عدم معرفتهم بالسياسة الدولية والمعرفة بمكر الغرب وبالتالي ثقة اعضاء هذه المعارضة بنوايا واشنطن وموسكو فالذين أهواءهم مع امريكا يعتقدون ان الحل بإنهاء ماساة الشعب السوري بيد البيت الابيض بينما أصحاب اهواء موسكو يعتقدون نهاية المأساة بالكرملين فالمعارضة بعلاقاتها مع روسيا وامريكا اللتين كانتا وراء تنظيم مؤتمرات جنيف / 1 و 2 / ووراء دعم النظام السوري كانت هذه العلاقة وراء تأخر انتصار شعب سوريا وبالتالي فالمعارضة لا تعي ماذا تفعل فهي تسير كالنائم الذي يمشي لا يعرف طريقا.
وحول علاقة الغرب المسيحي بالعالم الاسلامي فهي مثل قول الشافعي :
يعطيك من طرف اللسان حلاوة ويروع منك كما يروع الثعلب
على حسب قول خبير شئون العلاقات الاوروبية الاسلامية بمجلس شورى الاتحاد الاوروبي ميشائيل فاينجارتين.