افتراءات في الإعجاز العددي في القرآن الكريم
وردتني مجموعة من الرسائل يدعّي مرسلوها أنها من آيات إعجاز القرآن العددية وأنها تأكيد على أن هذا القرآن منزل من رب العالمين، وأنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وهي تحتوي على سقطات وأخطاء وأكاذيب ما أنزل الله بها من سلطان ويتم تداولها في وسائل التواصل الاجتماعي بقصد أو بغير قصد على أنها مسلّمات، ويطلب منا نشرها وتوزيعها ابتغاء وجهه تعالى دونما تمحيص ولا تدقيق, مخالفين أساليب البحث العلمي الرصين ، متناسين أنهم يتعاملون مع كتاب الله، وذلك مما يؤدي إلى تشكيك المسلمين وغيرهم في هذا القرآن العظيم وفي إعجازه بمختلف أنواعه، وهو الكتاب الذي أحكمت آياته من لدن حكيم خبير.
والقرآن الكريم ليس كتاب حساب ولا إحصاء، ولا هو كتاب ألغاز ومتسلسلات رياضية، بل هو كتاب هداية ومنهج حياة ودستور للبشرية ، وإن كان قد ورد فيه بعض الإحصائيات العددية التي لا يختلف عليها أولو العلم . ويأتي دور العلماء والباحثين - في عصر التقدم العلمي وثورة المعلومات - أن يقوموا بالذبّ عن هذا الكتاب ما لم يأذن به الله ، وأن يقدموا للناس الجديد - مما لم يقدر عليه الآباء والأجداد - متسلحين بتقنيات العصر وتكنولوجيات الإحصاء ، وذلك بالدخول في أعماق الآيات فقها وتدبرا ، والخوض في أسرارها بحثا عن الحقائق والمعاني ، فيستخرجوا من كنوز القرآن ما يدخل الناس في دين الله ، وما يزيد المؤمنين إيمانا ، والعلماء علما ، والفقهاء فقها حتى نثبت للبشرية كلها بأن الله حق ، وأن كتابه حق وأن هذا القرآن أنزل بعلم الله ، وأنه لا مبدل لكلماته ، وأن الجن والإنس لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا.
وكما أنه لا يجوز الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم بدعوى حبه وتعظيمه، ومن فعل ذلك فليتبوأ مقعده من النار، وبنفس الطريقة فلا يجوز لنا أن نفتري على هذا القرآن ما لم يأذن به الله، وقد رأيت بعض أدعياء العلم يأخذون معلوماتهم من مراجع قديمة ، لم يقم أهل العلم والتخصص بتمحيصها وتدقيقها واعتماد مرجعيتها ، وبدّعي هؤلاء أنهم يزيدون يذلك هذا القرآن إعجازا على إعجاز وعلما على علم وهم يهدمونه بايديهم ، ومعظم كلماتهم منتقاة بما يوافق هواهم .
وإن ما يمتاز به اللسان العربي هو تعدد التفاعيل والمشتقات في الأسماء والجذور والأفعال ؛ فلفظة نساء ومشتقاتها وردت 59 مرة في 8 مشتقات وهي : نساء 38 مرة ، نساءكم 8 مرات، نساءنا 1 مرة ، نساءهم 3 مرات ، نساؤكم 1 مرة ، نسائكم 5 مرات ، نسائهم 3 مرات ، نسائهن 2 مرة ، وبنفس الطريقة نجد أن لفظة علم ومشتقاتها 782 مرة وردت في 85 مشتقة ، ولفظة هدى ومشتقاتها 313 مرة في 66 مشتقة ، ولفظة كفر ومشتقاتها 585 لفظة في 38 مشتقة ، ولفظة كتب ومشتقاتها في311 لفظة في 35 مشتقة ، ، ولفظة العبادة ومشتقاتها 284 لفظة في 23 مشتقة ، وكل ذلك مدعاة لاختيار الباحث غير المنضبط من هذه المشتقات ما يشاء وينسبها إلى الإعجاز العددي وهو منها براء ، وهو ما أفضى بعلماء الأزهر أن يقولوا إنه ليس هناك إعجاز عددي في القرآن الكريم.
وأشير في هذا البحث إلى ضرورة الرجوع إلى السفر النفيس " المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم - ضبط وترتيب محمد سعيد اللحام دار المعرفة - لبنان - 2003" ، وهذا المعجم مرجع للعلماء والباحثين وهو من من عمل المرحوم محمد فؤاد عبد الباقي عام 1945 وقد تمت مراجعته وتنقيحه من جديد .
وفيما يلي بعض من هذه الافتراءات المنسوبة إلى الإعجاز العددي ظلما وزورا :
1. ورد ذكر القمر 12 مرة بدعوى أن السنة 12 شهرا والصحيح أن القمر 26 مرة ، وقمرا 1 مرة ص 837
2. ورد ذكر اليوم 30 مرة بدعوى أن الشهر 30 يوما والصحيح هو 43 مرة ص 1124
3. ورد ذكر يوم 365 مرة بدعوى عدد أيام السنة
والصحيح هو 364 حيث ورد لفظ يوم 348 مرة ويوما 16 مرة ص 1124.
4 . ورد ذكر صلاة 5 مرات بدعوى أن الصلاة 5 والصحيح هو 67 ص 718
ورد ذكر صلوات 5 مرات بدعوى أن الصلاة 5 والصحيح هو 4 ص 718
5. ورد ذكر ارض 13 مرة والصحيح هو 451 مرة ص 105 - 117
6. ورد ذكر البحر 32 مرة والصحيح هو 33 مرة ، والبحر ومشتقاته 39 مرة ص 334
7. ورد ذكر السماء 7 مرت والصحيح هو 120 مرة والسماوات 190 مرة ص 678 - 683
8. ورد ذكر الإيمان 25 مرة والكفر 25 مرة
والصواب أن الإيمان ورد 85 مرة والكفر ومشتقاته 585 مرة ص 879
9. ورد ذكر الرجال 24 مرة والنساء 24 مرة والصواب أن الرجال ومشتقاتها وردت 28 مرة ص 638 ،
والنساء وحدها 38 مرة ووردت مع مشتقاتها 59 مرة ص 994
10. ورد ذكر الحسنات 167 مرة والسيئات 167 مرة والصواب أن الحسنة وردت 28 مرة والحسنات 3 مرات ص 526،
بينما وردت السيئة والسيئات 58 مرة ص 690.
11. ورد ذكر كل من الحياة والموت 115 مرة والصحيح هو 71 مرة للحياة ص 549
و 35 مرة للموت ص 965
12. ورد ذكر الجهر 16 والعلانية 16 مرة والصحيح هو ذكر الجهر 5 مرات ص 506 ،
وذكرت العلانية 4 مرات ص 761
13. ورد ذكر لفظة جزاء 117 مرة، ولفظة المغفرة 234 مرة بدعوى أن المغفرة ضعف الجزاء
والصحيح هو ذكر الجزاء 32 مرة ص 488
والمغفرة هو 28 مرة ص 949
14. ورد ذكر العسر 12 مرة والصحيح هو 5 مرات ص 718
وورد ذكر اليسر 36 مرة بدعوى أن اليسر 3 أضعاف العسر والصحيح هو أن اليسر ذكر مرة واحدة ص 1073
15. ورد ذكر المصيبة 75 مرة والشكر 75 مرة
والصحيح هو المصيبة 10 مرات ص 942
. ولم ترد لفظة الشكر مطلقا في القرآن الكريم بل وردت ألفاظ شاكر 4 مرات ، وشاكرون 10 مرات وبلغ مجموع ألفاظ الشكر ومشتقاتها 76 مرة وليست 75 ص 698
16 .ورد ذكر " محمد" 4 مرات بدعوى أن الشريعة وردت 4 مرات والصحيح أن لفظ الشريعة لم ترد مطلقا في القرآن وأن شرع ومشتقاتها وردت 3 مرات ص 718
17 .ورد ذكر إبليس 11 مرة والاستعاذة 11 مرة
والصحيح أن الاستعاذة وردت 4 مرات، وأن الاستعاذة ومشتقاتها وردت 17 مرة ص 125
18 .ورد ذكر جهنم 77 مرة وذكر الجنة ومشتقاتها 77 مرة
والصحيح أن الجنة وردت 66 مرة، وأن الجنة ومشتقاتها وردت 147 مرة ص 499
19. ورد ذكر كل من النور والظلمة 24 مرة
والصحيح أن النور ومشتقاته وردت 49 مرة ص 1013،
وأن الظلمات وردت 23 مرة ص 734.
20 . ورد ذكر الفجار 3 مرات وأن الأبرار وردت 6 مرات أي الضعف
والصحيح أن الفجار ومشتقاتها وردت 4 مرة ص 789
20 . ورد ذكر الرحيم 114 مرة وأن الرحمن 57 مرة أي ضعف الرقم
والصحيح أن الرحيم ومشتقاتها وردت 115 مرة، ص 643
21 . ورد ذكر الناس 50 مرة والصحيح هو 241 مرة، ص 979
22 . فرية رقم سورة الحديد والوزن الذري للحديد:
ورد ذكر الرقم الذري للحديد 26 ليتناسب مع رقم آية الحديد 25 ( وأنزلنا الحدبد فيه بأس شديد ومنافع للناس )
وأن الوزن الذري للحديد 57 ليتناسب مع رقم سورة الحديد 57 وكلا الافتراضات غير مطابقة للحقائق العلمية
وأبين مايلي :
قال العلماء إن الحديد يتكون من 4 نظائر : Fe 54 بنسبة 5.8 %
Fe 56 بنسبة 91.4 %
، Fe 57 بنسبة 2.1 %
Fe 58 بنسبة 2. %
وأن الوزن الذري للحديد Fe 56 هو 55.853 جرام وهو 56 على وجه التقريب وليس 57 وهو رقم سورة الحديد في القرآن الكريم
وقال العلماء أيضا إن عدد الإليكترونات هو 26 إليكترون ولا علاقة بذلك مع رقم آية الحديد 25 في سورة الحديد حيث تم إضافة البسملة
باعتبارها آية من القرآن الكريم إلى الرقم 25 ليصبح تسلسل الآية 26 - الحديد ، وهذه الإضافة لم يقل بها أحد من العلماء بل إن بعضهم
اعتبر أن آية البسملة في أول سورة الفاتحة ليست آية من كتاب الله. فكيف نضيفها في كتاب الله؟ وكلاهما فريتان لا تليقان بأهل العلم والقرآن.
مع أن الحديد ذكر في القرآن الكريم في 5 آيات وليس في سورة الحديد وحدها.
وفي الختام أدعو جميع العلماء والباحثين وأهل التواصل الاجتماعي تصحيح معلوماتهم وأن يتقوا الله فيما يكتبون وينقلون
وأن يقوموا بتوزيع هذه الدراسة على جميع الباحثين والمهتمين
ألا هل بلغت اللهم فاشهد ، ألا هل بلغت اللهم فاشهد
وسوم: العدد 791