غربة جديدة
لا تخفى قيمة الجماعة في الاسلام والوصية بها في كل نواحي الحياة في الشورى في اختيار الحاكم وفي الجهاد وتعاون المسلمين بعضهم مع بعض ومنع الظلم والانفاق وكفالة اليتيم حتى نصل للشعائر التعبدية فصلاة الجماعة خير من سبع وعشرين من صلاة الفرد وأداء الزكاة أعظم نظام تعبدي تكافلي والجميع يصوم في الشهر نفسه ويمسك ويفطر في الوقت نفسه ثم لتُعبِّر قيمة الجماعة عن نفسها في أجلى صورها في عبادة الحج الى بيت الله الحرام.
(كل شيء من حولنا في الحياة يدفعنا نحو الفردية).
_ تنوع احتياجات الحياة والسعي لاستكمالها تدفعنا نحو الفردية.
_ انشغالنا بتأمين الحياة الكريمة بقضاء أكبر الوقت في العمل يدفعنا نحو الفردية.
_ الانشغال عن صلة الأرحام واعتبارها امرا ثانويا يدفعنا نحو الفردية.
_ استهداف الاعلانات للفرد وحاجاته ومتعه يدفعنا نحو الفردية.
_ سيادة الفكر الليبرالي الرأسمالي وتشريع القوانين والأنظمة وفقه يدفعنا نحو الفردية.
_ التقنيات الحديثة والتقدم الهائل في وسائل الاتصال ومواقع التواصل الجافة والناشفة حتى داخل البيت الواحد يدفعنا نحو الفردية.
_ فقدان الأمن الاقتصادي والاضطراب السياسي والحروب وحدوث الاكتئاب تدفعنا نحو الفردية.
_ كثرة المتع الفردية على حساب المتع الجماعية تدفعنا نحو الفردية.
_ فقدان الحرية السياسية في الانخراط في مؤسسات التعبير المشروعة عن الذات من خلال عمل جماعي ونشوء حالة الكبت تدفعنا نحو الفردية.
_ طغيان المتع المادية على حساب المتع الروحية تدفعنا نحو الفردية.
_ تراجع دور الأسرة والمدرسة والاعلام في زرع وتعميق معاني التعاون والايثار والبذل لصالح انتهاز الفرص الحياتية وتأمين المستقبل بأي ثمن تدفعنا نحو الفردية.
إن من اعظم العبادات في ديننا في كل زمان هي العبادات الجماعية الشعائرية وغير الشعائرية فلا جديد في الأمر لكن الجديد يكمن في أن ((هذه العبادات الآن اكبر أجرا في ممارستها وأعظم أثرا في إحيائها زمن غربتها الجديدة وانكماشها الحادث)) والأجر على قدر المشقة كما هي القاعدة الشرعية ومن سن في الاسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة كما في الحديث.
إن خروج المسلم الآن من فرديته ووحدته لفضاء عملي أوسع يتواصل فيه ويتفاعل فيرسم ابتسامة وينصر مظلوما او يعين محتاجا او يشفع لصاحب حاجة او يواسي مبتلى أصبح من اوجب الواجبات وأعظم القربات ويد الله مع الجماعة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه فهل من مُشمّر؟
وسوم: العدد 797