سيندم الخليجيون على التطبيع مع إسرائيل
الذين خططوا لزرع إسرائيل في قلب الوطن العربي أدركوا أن هذا الكيان الغريب يستحيل أن يدوم بقاؤه إلا بدمجه في محيطه الجغرافي ، وأنه لا يستطيع أن يديم هذا البقاء بالحرب ، وجسد كل مخططهم في هذه الناحية قولهم إن هذا الكيان سيكون منارة حضارية تقتدي بها شعوب المنطقة ، و" المنارة الحضارية " تقتضي بطبيعتها علاقات سلام ووئام . وسارت لأحداث وفق ما رسموا وقدروا ، بل هم من البدء خلقوا نوعا من بيئة حاضنة للكيان الوليد الغريب ، فعملوا على خلق كيانات عربية في سياق مشروع زرع هذا الكيان لتكون محيطا حاميا له . وقامت هذه الكيانات بهذا الدور تسترا في البداية ، ومجاهرة حين أذن التطور التاريخي بالمجاهرة . مخطط الدمج بدأ باتفاق كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل في 1978 ، ثم باتفاق أوسلو مع الفلسطينيين في 1993 ، وباتفاق وادي عربة مع الأردن في 1994 . وفتحت أحداث ما زعم باطلا ربيعا عربيا الأبواب على رحبها لدمج إسرائيل حتى بان أن الربيع العربي المزعوم ربيع إسرائيلي حقيقي ، ونكبات عربية كبرى . وعمل الغرب وإسرائيل وأتباعهما من العرب ليكون هكذا . ولأن كل مخططات الدمج مدروسة ومجهزة مسبقا فقد سهل إخراج كل مرحلة منها إلى نطاق التنفيذ متى نضجت ظروفه الواقعية والنفسية . ومن هذه المخططات في هذه الأيام مد خط سكة حديد من ميناء حيفا المحتلة إلى دول الخليج ، وتسميه إسرائيل خط قطار السلام ، وأن من فوائده وصل دول الخليج بالبحر المتوسط ، ولابد من هذه التسمية ، ولابد من الحديث عن فوائده للدول الخليجية تعمية وتضليلا عن الأهداف الحقيقية له . وستنقل عبر الخط البضائع والأفراد . ويتساءل بعض العرب مصيبين محقين : لماذا لا تتصل دول الخليج بالبحر المتوسط من خلال موانىء بانياس واللاذقية وبيروت بدل ميناء حيفا المحتلة ؟! والجواب المعروف هو وصل إسرائيل بهذه الدول ، إذن لا ميناء سيكون بديلا لميناء حيفا . هذه رغبة إسرائيل وأميركا وبقية الدول الغربية ليتحقق دمج إسرائيل اقتصاديا وتجاريا وسياسيا وثقافيا وأمنيا وبشريا في المنطقة تمهيدا لهيمنتها عليها بوصفها في جوهرها رأس حربة غربية وجزءا من الحضارة والثقافة الغربية . وننبه هنا إلى أنه رغم أن دمج إسرائيل العلني بدأ بمصر ففلسطين فالأردن إلا أن هذه البداية لم تكن ناجحة ، ففي البلدان الثلاثة رفض شعبي ووطني لقبول إسرائيل ، وفي فلسطين تحديدا مقاومة ودم . والذي صدمنا أن دول الخليج باغتتنا بأنها مهيأة لقبول إسرائيل ، بل متلهفة على التطبيع معها باستثناء أصوات محدودة ضعيفة . كنا نقدر أن إسلامها وعروبتها سيردعانها عنه ، فخاب تقديرنا خيبة كبيرة . ومن عِلل الخيبة أن هذه ليست دولا حقيقية وإن أوهم ظاهرها بأنها دول . هي في حقيقتها قبائل في صورة دول ، وشعوبها القليلة العدد ، باستثناء بلاد الحرمين الكثيرة العدد ، لا رأي لها في سياسة حكامها ، وهذه الدول أو القبائل في أساسها تكوينات استعمارية أقامها الاستعمار البريطاني ، وتابعت أميركا رعايتها وتوجيهها . وارتباطها المطلق بالغرب واعتمادها التام على حمايته يجعلها تلقائيا في نسق وجودي واحد مع إسرائيل التي هي في أساسها مشروع غربي أكثر منها مشروعا يهوديا . وإقبال دول الخليج الحار على إسرائيل ، وهشاشة هذه الدول سيسهلان على إسرائيل فعل ما تشاء بها خاصة أنها داخلة عليها من باب حمايتها من الخطر الإيراني المتوهم والمضخم ، ومن باب العلم والتكنولوجيا الملائمين لاحتياجاتها كأن العلم والتكنولوجيا لا وجود لهما إلا في إسرائيل . ستفترس إسرائيل دول الخليج بسهولة بأساليب علنية وبأساليب سرية ، وستحاسب بلاد الحرمين على ما كان لليهود من ممتلكات في خيبر وتيماء ووادى القرى ، وقرأنا أنها أعدت إحصاءات تسجل حتى عدد الأشجار والآبار التي كانت لليهود في هذه المناطق لتطلب تعويضا منها ، وطبعا بالربح المتضاعف عبر القرون ، ويتحدث اليهود عن عمود لهم في الكعبة المشرفة ( ! ) ، وبعد حين من التطبيع سيكتشف الخليجيون أن إسرائيل مثل القنفذ لا تستطيع تقبيله ولا حضنه ، ومثل البغل الشموس العنود إن كنت أمامه عضك وإن كنت خلفه رفسك ، وعندئذ سيندمون بحرقة ، وندم الشعوب يسبقه خسران كبير ، ويصعب تعويض ذلك الخسران .
***
قناتان إسرائيليتان
تخطط إسرائيل لحفر قناتين تصلان البحر الأحمر بالبحر المتوسط لتكونا بديلا عن قناة السويس ، وحفر قناتين لا قناة واحدة يستهدف تحقيق سرعة عبور السفن خلافا للحال في قناة السويس ، فالسفن وفق المشروع الإسرائيلي لن تنتظر حتى تعبر السفن القادمة من الاتجاه المقابل . سفن كل قناة ستسير في اتجاه واحد خاص بها . وتنوي إسرائيل إقامة فنادق ومطاعم ومقاهٍ على ضفاف القناتين يعمل فيها مواطنون من الدول التي ستمر سفنها في القناتين ليشعر البحارة بأنهم " في بيتهم " .
***
حصان
في الموروث العربي أن يهوديا سأل عربيا أن يردفه خلفه على حصانه ، فرحب به العربي ، وبعد أن سارا مسافة قال اليهودي : ما أحسن حصانك !
فسر العربي لمدح حصانه ، وحدث اليهودي عن فرط عنايته به ، وبعد مسافة قال اليهودي : ما أحسن حصاننا !
فأقسم العربي لينزلنه عن حصانه ، وخاطبه غاضبا : بعد مسافة أخرى ستقول : ما أحسن حصاني !
***
دندنة
في الموروث الفلسطيني أن فلسطينيا ويهوديا ارادا الذهاب من القدس إلى الخليل ، ولم يكن عندهما إلا حمار واحد لا تسمح حالته البدنية بأن يركباه معا ، فاتفقا على أن من يركب يغني ، ولا ينزل إلا عند نفاد كل ما يحفظ من أغانٍ . وركب الفلسطيني أولا ، وبدأ يغني ، فنفد محفوظه بعد مسافة قصيرة ، فنزل ، ووثب اليهودى على ظهر الحمار ، وأخذ يغني :" دندنة ! دندنة ... " ، وانتظر الفلسطيني سماع أغنية أخرى بأمل نفاد محفوظ اليهودي مثلما نفد محفوظه ، وتابع اليهودي دندنته مميلا رأسه يمنة ويسرة في حبور وطرب ، فصاح به الفلسطيني : هي دندنة هذه لا تنتهي ؟!
فرد اليهود مطمئنا إلى حتمية تنفيذ الاتفاق : دندنة يا حبيبي لا تنتهي !
وسوم: العدد 798