استدراج الثورات ، قبل استعداد رجالها ، والخياناتِ ، قبل بلوغ آجالها !
استدراج الثورات ، قبل استعداد رجالها ..
نموذج قديم :
تروى كتب التاريخ ، أن الخليفة العباسي ، أبا جعفرالمنصور، كان له خصم ، من بني هاشم، يُعدّ العدّة ، للثورة عليه ! فأراد أبو جعفر، أن يقضي عليه ، قبل أن يستكمل عدّة الخروج والثورة ، فأرسل إليه أحد أعوانه ، الذين لايشكّ الثائر، بصدق نصحهم له .. فأغراه بالثورة، على الخليفة ، وزيّنها له ، ثمّ أغراه ، بالتعجيل بها ؛ لأن الخليفة ، في ظرف صعب ، لايستطيع أن يجابه ثورته ! فأعلن الثائر، عن نفسه ، ونادى أنصاره ، أن يجتمعوا ، للخروج على حكم العباسيين ! وحين علم أبو جعفر، بخروج الهاشمي ، ضرب الأرض ، بعمامته ، مزهوّاً ، وصاح : أنا أبو جعفر.. استخرجت الضبّ ، من جُحره ! ثمّ أعدّ جيشاً صغيراً ، وجّهه ، إلى الثائر الهاشمي ، وقضى على ثورته ، في مهدها ، قبل أن تقوى شوكتها ، وتصعب مواجهتها !
نموذج حديث :
كانت مدينة حماة ، هي مركز الثورة السورية ، في بداية الثمانينات ، من القرن العشرين ! وقد حاصرها حافظ أسد ، حصاراً خانقاً ، حتى اضطرّ الثوّارَ، المتمركزين فيها ، إلى الخروج ، من مكامنهم ، والاستيلاء ، على مراكز القوّة والسلطة ، في المدينة !
واتّخذ حافظ ، الثورة العلنية ، ذريعة ، لتدمير المدينة ، على رؤوس أهليها ، براجمات الصواريخ ؛ تقصفها عن بُعد ، فتدمّر كلّ شيء فيها : الحجر، والشجر، والبشر.. ولا تستثني مدرسة ، أو مسجداً، أومَشفى.. ولا تَميز الصواريخ – بالطبع – شابّاً ، من شيخ ، من طفل.. ولا امرأة ، من رجل ! حتى بلغ عدد القتلى ، عشرات الألوف !
وحين انتهت المقاومة ، دخلت قوات حافظ ، إلى المدينة ، فاستباحتها ، بشكل تامّ ، واعتقلت الألوف ، من أبنائها ، بلا تمييز، بين كبير وصغير، وبين ذكر وأنثى ! وأخضَعت المعتقلين، لأقسى أنواع التعذيب ، فمات منهم المئات ، في مراكز الاعتقال !
وكانت مأساة رهيبة ، سُمّيت ، بحقّ : مأساةَ العَصر!
استدراج الخيانات :
لم تكن خيانات كثير من الحكّام ، وأتباعهم ، بحاجة إلى استدراج ؛ لتظهر، إلى العلن ، لكنّ بعضهم كان يمارسها ، بشيء من التستّر ، والاختباء ، وراء شعارات برّاقة زائفة !
وحين هبّت أنسام الربيع العربي ، تهتّكت الأستار، وصار إعلان الخيانة ، هو الأساس ، في سلوك الحكّام المنافقين ، الذين يُظهرون الصمود والتصدّي ، والمقاومة والممانعة .. وفي سلوك الذين يتظاهرون ، بنصرة القضايا العربية ، وعلى رأسها : القضية الفلسطينية ! وحين سقطت أوراق التوت ، عن الخونة ، باتوا يتسابقون ، إلى إعلان خياناتهم ، للأمّة ، وإعلان ولائهم، للعدوّ الصهيوني ، ويخطبون ودّ هذا العدوّ، جهاراً نهاراً؛ ليثبّت كراسي حكمهم.. وذلك ، دون أدنى حياء، أو خجل، من الله..أومن الشعوب ، التي خدعوها ، سنين طويلة !
واليوم ، باتت الشعوب المستغفَلة ، تعرف حقيقة حكّامها ، وتستطيع التفكير، بشكل واضح، فيما هو خطأ ، وما هو صواب ، من أساليب التعامل معهم !
وسوم: العدد 798