للقضاء أحكامه ، وللفضائل أحكامها ، وللصراعات السياسية والعسكرية أحكامها !
القضاء : حصن البشر جميعاً (1) قضاءُ الدولة ، حصنٌ لأبنائها (2) والقضاء الدولي ، حصن للدول ، جميعاً .. بحسب الأصل !
أيّ تسييس ، للقضاء ، يفسده ، محلياً كان ، أم دولياً ، بَلهَ الرشوة والمحسوبية ، والمسايرة: رَغَباً ورَهَباً !
بعض الدول ، يكون قضاؤها خاضعاً ، للسلطة التنفيذية ؛ فيُصدر القاضي أحكامه ، وفقاً لأوامر هذه السلطة ! فتنعدم قوّة القضاء ، بصفته سلطة مستقلة ، ويصبح أداة ، من أدوات الحكّام ، في ظلم شعوبهم !
وبعض الدول ، يكون قضاؤها ، الخاصّ بها، عادلاً ، في التقاضي ، بين أفرادها ، لكنه ظالم للآخرين ؛ لاسيّما إذا كانوا أعداء !
القضاء الإسلامي ، هو الحصن الوحيد ، للعالم كله ، أفراداً ، وجماعات ، ودولاً !
تقاضى عليّ بن أبي طالب ، وهوخليفة ، مع يهودي ، حول درع ، فقال القاضي ، لعليّ: اجلس يا أبا الحسن ، وقال لليهودي : اجلس يايهودي ! ثمّ قضى بالدرع ، لليهودي ، لأنها في حوزته ، ولا بيّنة ، لدى عليّ ، على ملكيته للدرع ! وبان الامتعاض ، على وجه عليّ ، فقال له القاضي : لعلك غضبت ، لأن الحكم جاء لمصلحة خصمك ، يا أبا الحسن ! فأجاب : لا، ولكن غضبت ، لأنك كنّيتني ، وناديت اليهودي باسمه !
وقد أسلم اليهودي ، حين رأى عدالة القاضي المسلم ، وقبول الخليفة بالحكم ، مع أن الدرع له، لكنه لايملك بيّنة ، على ذلك ! وقد أعادها إليه اليهودي ، معتذراً ، بعد أن أسلم !
وقضى القاضي المسلم ، لأهل سمرقند ، بخروج الجيش الإسلامي ، منها ، بعد أن وعدهم قائده ، بعدم احتلالها ! فشكوا ، إلى الخليفة ، عمر بن عبد العزيز ، فعيّن قاضياً ، للمسألة ، فقضى بخروج الجيش ، من المدينة ! فرضي أهل المدينة ، بعد ذلك ، بدخول الجيش ، واعتنقوا الإسلام ؛ لما رأوا ، من عدل المسلمين !
ومن أبرز قواعد المسلمين ، في القضاء ، الآية الكريمة : ولايجرمنّكم شنآنُ قوم على ألاّ تَعدلوا اعدِلوا هوأقرب للتقوى واتّقوا الله !
ولو كان القضاء الإسلامي ، مسيّساً، لَما قضى القاضي ، بخروج جيش مسلم، احتلّ مدينة، أهلها غير مسلمين!
أحكام الفضائل : تأتي ، بعد تبيان الحقوق ، وتمكين أصحابها ، منها ! فعنئذ ، يُندَب العفو والتسامح ، وتقديم الفضل ، على العدل ، لدى أهل الفضل !
أحكام الصراعات السياسية ، والعسكرية ، والإعلامية : لهذه الصراعات أحكامها ، المتعلقة بطبيعة كلّ منها ! فكلٌّ من الصراعات السياسية والعسكرية ، يُفرز إعلامَه ، الخاصّ به ، حسب ظروفه ، وحسب الواقع المحيط ، بكلّ نوع من الصراعات ! فمَن ألزَم نفسه ، بأحكام القضاء ، التي تُعَدّ المساواة بين الخصوم ، والنزاهة ، والعدالة .. من أهمّ عناصرها ، أعطى عدوّه فرصة الانتصار عليه ، وهو قد لا يرحمه ! والله ، عزّ وجلّ ، يقول : كيفَ وإن يَظهَروا عليكم لا يَرقبوا فيكم إلاّ ولا ذمّة !
فالعدوان ، والمكر السيّء ، من الأمور المنهيّ عنها ! أمّا الخدعة ، في الحرب ، فمطلوبة ، إذا كانت تحقّق نصراً ، ففي الحديث : (الحرب خدعة ) ! وأمّا أن يمنح المسلم ، عدوّه ، فرصة الانتصار عليه : سياسياً ، أو عسكرياً ، أو إعلامياً .. فهذا نوع من السذاجة ، يهلك المسلمين ، تحت أيّة ذريعة ، حصل !
وسوم: العدد 801