من إحسان الفقيه إلى ذلك العلماني العربي المُهرّج
من إحسان الفقيه إلى ذلك العلماني العربي المُهرّج والذي يُشبه الدولة في النظام الإسلامي بالحكم الثيوقراطي الكنسي في أوروبا:
هل تعلم أن المسيحيين ليس لهم نظام تشريعي مستقل وليس لديهم من آثار المسيح عليه السلام سوى بعض المواعظ الإيمانية الأخلاقية؟
والسبب لمن لا يعلم أو يغض بصره عن الحقيقة، أن رسالة المسيح لم تكن مستقلة، وإنما كان رسولا إلى بني إسرائيل لكي يحلل لهم بأمر الله بعض ما حرم عليهم بسبب تشددهم، ولذلك لم يكن هناك تشريعات خاصة بأتباع المسيح تختلف عن اليهود سوى تخفيف بعض القيود، وإن كنت قرأت القرآن فستجد قول الجن بعد استماعهم إلى القرآن {يَاقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ} ، مع أن المسيح عيسى بن مريم كان بين موسى ومحمد عليهم جميعًا صلاة الله وسلامه، فلم تقل الجن من بعد عيسى، لأن المسيح رسالته متممة للتوراة ليست مستقلة عنها.
ولما كان النصارى أو المسيحيون يزعمون أن اليهود صلبوا المسيح، فلم يكن بوسعهم اتباع شريعة قتلة المسيح –وفق زعمهم- ولذا عمد القساوسة والرهبان إلى كتابة تشريعات من قبل أنفسهم يحللون ويحرمون من تلقاء أنفسهم ويجعلونه للناس دينًا، وهو ما فتح لهم باب الاستبداد الديني والسياسي والاقتصادي والعلمي، فكان المجتمع الأوروبي له عذره في الثورة على ذلك الحكم الكنسي أو الكهنوتي أو حكم رجال الدين، الذين نهبوا الأموال باسم الدين، وباعوا صكوك الغفران للناس، ووقفوا أمام التقدم العلمي وأي اكتشاف لا يمر عبر بوابة القساوسة.
فكيف يقارن هذا الحكم بنظام الدولة ذي المرجعية الإسلامية، والذي جاء بتشريعات متكاملة الأركان للأحوال الشخصية، والعبادات، والمعاملات، ومكونات المجتمع ككل، والعلاقات الخارجية وأحوال السلم والحرب، وزاد من حسن ذلك النظام أن ترك مساحات خضراء تبرز مرونته، حيث للأمة الحق في الاجتهاد في سن قوانين تخص الأمور الحياتية والإدارية طالما لا تتعارض مع التشريع، ومن ثم لا مجال لتشبيهه بالحكم الكنسي الثيوقراطي في أوروبا، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
وسوم: العدد 808