ماذا تدفع أمريكا وإسرائيل ، لإيران ، كي تمثل دور الفزّاعة ، لإخافة العرب ؟
علاقة أمريكا وإسرائيل : حميمية مصيرية ، عقَدية مصلحية ، متشابكة .. لايمكن فصمها ! فإسرائيل موغلة ، عبر اللوبي اليهودي الأمريكي ، في أعماق الكيان الأمريكي : سياسياً ، واقتصادياً ، وإعلامياً ، وعبر المؤسّسات ، كلّها !
أمّا إيران : فهي العدوّ العجيب ، لهما ، معاً !
كانت إمبراطوريةً فارسية ، فحطّم المسلمون ، الكسرويةَ فيها ، ودخلت في الإسلام ، وخدم كثير من علمائها ، الإسلام ، خدمات جُلّى ، وفي مجالات شتّى !
خرجت ، من عباءة الخلافة العبّاسية ، بعد أن ضعف شأن الخلافة !
ظلّت مسلمة سنّية ، في أكثريتها ، حتى حكمها إسماعيل الصفوي ، فقتل الألوف من علمائها، ومئات الألوف ، من أبنائها السنّة .. وفرض علها مذهب التشيّع ، وهو ، في حقيقته دين ، قائم بذاته ، لا علاقة له ، بالإسلام ! اخترعه ، بداية ، ابن سبأ اليهودي ، الملقّب ، بابن السوداء ؛ حين ألّه عليّ بن أبي طالب ! وجاء ، مَن بعدَه ، فطوّروا دينهم ، وصنعوا له ، عقائدَ وأحكاماً وأخلاقاً ، وألّفوا كتباً كثيرة ، في الدين الجديد !
بمجيء إسماعيل الصفوي ، عادت الكسروية ، إلى الدولة الفارسية ، التي تضمّ ، بين جنباتها، أعراقاً كثيرة ، مثل : العرب ، والطاجيك ، والبلوش ، والأوزبك ، والكرد ، والتركمان .. وغيرهم! ونسبة الفرس ، بين هذه الأعراق ، لاتجاوز ثلاثين ، في المئة ، من عدد السكّان !
تعاون الصفويون ، مع الصليبيين ، ضدّ الخلافة العثمانية ؛ فكان الخلفاء العثمانيون ، كلّما توغّلوا ، في الفتوحات ، في القارّة الأوروبّية ، خرج الصفويون ، ليعلنوا ثورة ، أو تمرّداً .. أو خيانة ، تطعن الخلافة ، في ظهرها ، فيعود الخليفة ، لمواجهة الغدر الصفوي !
وبعد قيام دويلة الصهاينة ، في فلسطين ، كان التعاون ، بينها وبين آل بهلوي ، قائماً، على قدم وساق !
وحين قامت ثورة الخميني (كسرى المعمّم) أعلنت العداء ، ظاهرياً ، لدولة الصهاينة ، ولحاميتها أمريكا ، التي سمّاها أتباع خميني : الشيطان الأكبر !
بيد أن العدوّ الوحيد ، في العالم ، للصفوية الرافضة ، هو: الإسلام ، الدين الذي حطّم عرش الكسروبة ، والذي جعلهم يسمّون أبا بكر الصدّيق ، وعمر بن الخطاب : صنَمي قريش ؛ لأن دولة الأكاسرة سقطت ، على يديهما !
الصراع بين الصفوية ، وبين الصهاينة ، هو صراع على المغانم ، كما يتصارع الإخوة ، على التركات والأسلاب ! لكنه ليس صراعاً وجودياً ؛ بل هما يتعاونان ، فيما بينهما ، ضدّ مَن يشكّل لهما ، عدوّاً حقيقياً ، ويخوضان ، ضدّه ، صراعاً وجودياً ، وهو: المسلمون السنّة ؛ ولا سيّما ، في المنطقة العربية ! وكلّ منهما ، يوظّف الآخر، في هذا الصراع ، في لعبة ، متّفق عليها ، معروفة ، لدى الفريقين : الأخوَين المتصارعَين !
والمثل الدارج ، يقول : أنا وأخي ، على ابن عمّي .. وأنا وابن عمّي ، على الغريب !
إيران تستغل العاطفة الإسلامية ، تجاه المقدّسات ، في فلسطين ؛ لكسب قلوب المسلمين وعواطفهم ، تجاهها ، بصفتها عدوّاً للصهاينة ، وتسعى ، إلى تحرير القدس وفلسطين ، من أيديهم ، وتناصر الفئات الإسلامية ، التي تجاهد ، لهذه الغاية ، مثل : حماس ! وعَبر هذه العواطف ، تتغلغل ، في صفوف المسلمين ، عقَدياً ؛ بنشر دين التشيّع .. وسياسياً ، وعسكرياً، واقتصادياً.. لتحقيق مشروعها الإمبراطوري ، على أنقاض دول المنطقة السنّية !
وإسرائيل تتّخذ ، من إيران : شبحاً ، أو فزّاعة ، أو بُعبُعاً .. تخيف به الدول العربية ؛ ولاسيّما الخليجية منها ، وتطلب ، من هذه الدول الضعيفة ، التحالف معها ، لمقاومة العدوّ الإيراني، الذي يهدّدها : بالاحتلال ، أو: بإسقاط حكّامها !
وكلما ضغطت إيران ، على بعض الدول، ارتمت هذه الدول، في أحضان إسرائيل ، وقبل ذلك، في أحضان أمريكا ! وتمارس كلّ من أمريكا وإسرائيل ، ابتزازها ، لحكّام هذه الدويلات : مالاً نفطياً، وخنوعاً، للهيمنة الأمريكية والإسرائيلية ، بحجّة حمايتها من إيران! وإيران تُسَرّ، بالطبع ، لهذا الابتزاز؛ لأنه يُفقد الدول العربية ، الخليجية ، خاصّة ، مالها ، الذي ليس لها قوّة سواه .. ويُفقدها استقلالية قرارها، الذي يصبح ، في أيدي الأمريكان والصهاينة ! وتتفاهم كلّ من إيران ، وإسرائيل ، وأمريكا ، على الحصص ، من الأسلاب العربية ، ضمن : لعبة الشتائم المتبادلة ، ظاهرياً .. والمنافع المتبادلة ، عملياً ، على الأرض !
وسوم: العدد 808