لماذا يروّج وزير خارجية لبنان لإسرائيل والنظام السوري؟
انفتحت قريحة جبران باسيل، وزير الخارجية اللبنانية في حكومة تصريف الأعمال، خلال الفترة القصيرة الماضية على التصريحات المثيرة للجدل مجددا، والتي كان منها تصريح لافت لقناة «الميادين» اللبنانية يقول فيه باسم اللبنانيين: «نحن ليس لدينا قضية أيديولوجية ضد إسرائيل ونحن لا نرفض وجودها. إسرائيل يحق لها أن تنعم بالأمان».
استدعى التصريح المذكور تعليقا سريعا من الوزير اللبناني محمد المشنوق مطالبا بإقالة باسيل لمخالفته الدستور والقوانين والاتفاقات، متسائلا: «هل هذا موقف لبنان في المحافل الدولية؟».
ونتيجة آراء باسيل المعروفة وتصريحاته العنصرية المكشوفة ضد اللاجئين، فقد اجتهدت عدة وفود دبلوماسية عربية حضرت القمة الاقتصادية العربية الرابعة التي عقدت في بيروت الأسبوع الماضي على تخفيف غلوائه الجامح وطالبوا باستخدام البيان الختامي للمصطلحات التي تعتمدها الأمم المتحدة.
باسيل الذي اعتبر مرة «كل أجنبي قابع على أرضنا من غير إرادتنا هو محتل من أي جهة أتى» (والمقصود بالأجنبي اللاجئ السوري والفلسطيني طبعا)، هو نفسه الذي طالب في القمة الأخيرة بعودة النظام السوري «إلى حضننا» معتبرا تعليق عضوية دمشق «عارا تاريخيا» ومستحثاً المشاعر القومية لدى ضيوفه بالقول: «ماذا يبقى من عروبتنا إن كنا هكذا؟».
تتناظر، في مقاييس وزير الخارجية اللبناني، الدعوة مع العروبة إلى العنصرية الفاضحة مع اللاجئين السوريين والفلسطينيين، ورفض احتلال أولئك النازحين الفقراء «الأجانب» لبلاده مع الدعوة لاحتضان نظام الأسد الذي بطش بحرّية بلاده لعقود، والتغنّي بفلسطين مع إعلان عدم وجود «قضية أيديولوجية» ضد إسرائيل.
يخفي هذا التحريض المُعلن ضد اللاجئين سياسة دولة بأكملها، وهو ما يجعلنا نفهم لماذا يُترك الأطفال السوريون ليموتوا من البرد، وأن تطارد الشرطة طفلا يعمل ماسح أحذية ثم يُترك أمام أنظارهم ليموت بعد وقوعه من الطابق السادس إلى «منور» بناية، وأن يعتقل المئات منهم كل فترة من دون احتجاج يذكر، وأن تهدم مخيماتهم، وأن يضغط عليهم كي يغادروا بالقوة، وأن يهدد كثيرون بهدم محلاتهم.
يفهم أيضا لماذا تستقيل الدولة اللبنانية برمتها من واقع حماية الفلسطينيين الممنوعين من العمل في 70 مهنة، ويقام جدار حول مخيم عين الحلوة، ويمنعون من التملك والتوريث، وهو ما أنتج واقعاً مخيفا هو أن أكثر من 66٪ من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان فقراء و56٪ منهم عاطلون عن العمل، وثلثهم يعانون من أمراض مزمنة و95٪ ليس لديهم تأمين صحي، وتتكشف بين حين وآخر فضائح إنسانية من قبيل استثناء الفلسطينيات من الفحص الصحي لسرطان الثدي، ووفاة طفل فلسطيني لرفض المستشفيات استقباله.
العنصرية، التي يمثلها جبران باسيل، لا يمكن أن «تختلف أيديولوجيا» مع إسرائيل ولا مع النظام السوري، واختلافها الحقيقي والوحيد هو مع الفقراء، بمن فيهم اللبنانيون أنفسهم.
وسوم: العدد 808