التطبيع العربي مع نظام الأسد وخشية إيران من تقويض نفوذها في سوريا
يبدو أن طهران بدأت تستعد لأسوأ السيناريوهات، فما بين الخذلان الروسي لها، حيث قادت وسائل الإعلام الإيراني حملة محمومة وشرسة استهدفت شخص الرئيس الروسي بوتين، في الوقت الذي تخرج التسريبات الإعلامي حول اعتقال ضباط إيرانيين من قبل قوات النظام السوري بضوء أخضر روسي، فشرعت وسائل الإعلام في طهران إلى الحديث عن وجود محاولات عربية لتقويض نفوذ إيران في سوريا، محذرة من تداعيات تطبيع العلاقات بين سوريا والعالم العربي على إيران، والاستراتيجيات الواجب تبنيها إزاء ذلك، لأن هذا التقارب حسب هذه الرؤية لا يعني وجوب قطع العلاقات بين دمشق وطهران، بل لا بد من التفكير برؤية جديدة وغير تقليدية لتلافي أثار ذلك وتداعياته.
تعتقد طهران أنّ هدف سوريا من وراء هذا التقارب هو تحصيل المساعدات المالية العربية، حيث لا ترغب بالاعتماد على إيران لوحدها في هذا الموضوع. فمن المؤكد أن إيران لا ترحب بالتطبيع العربي مع نظام الأسد، وهذا ما اتضح بعد هبوط الرئيس السوداني عمر البشير في مطار دمشق، ولقائه بشار الأسد، كما شنت هجوماً على دولة الإمارات العربية بعد افتتاح سفارتها في دمشق، في الوقتٍ الذي يجري فيه الحديث عن عودة سوريا إلى الجامعة العربية بعد سنواتٍ من تجميد عضوية النظام السوري فيها.
إن ما يجري من تطورات على الساحة السورية، وفي مقدمتها إعادة فتح معبر نصيب بين الأردن وسوريا، ومطالبة روسيا لتركيا بالتنسيق مع نظام بشار الأسد فيما يتعلق بالمنطقة الآمنة، وموضوع الأكراد والإرهاب من خلال هذه القناة فقط، بمثابة ضربة موجعة لطهران، وبخاصة بعد إعادة تفعيل الدور العربي في مواجهة ما أسموه “بالتغوّل الإيراني”، في مقابل ذلك جاءت التصريحات الإيرانية لتقول: بأن هذه الخطوات لن تسهم في إنهاء ملف الحرب وتعزيز فرص السلام والاستقرار للشعب السوري، إذا ما حاولت هذه الدول تهميش الدور الإيراني.
لا شك بأن طهران تتابع عن كثب التطورات المتسارعة لمحاولات التطبيع العربي مع نظام بشار الأسد، وتحاول الفصل بين مسارين؛
الأول: هو التطبيع مع شخص بشار الأسد
المسار الثاني: إن هذا التطبيع ليس مع الشعب السوري، حيث تعتبر إيران أن هذا الشعب هو من أكثر المتضررين من السياسات الخليجية التي أدخلت الإرهاب والدمار إلى سوريا، ولذلك فإن الشعب السوري هو بمجمله حاقد وناقم على السياسات العربية التي أدخلت سوريا في أتون حرب طاحنة منذ سنوات على حد التعبير الإيراني.
وفي سياق آخر ترى طهران بأن تطبيعٍ العلاقات العربية ـ الإسرائيلية، لا يخرج عن إطار المواجهة العربية مع إيران وسوريا، بل ويتعداها إلى مسارات المواجهة المباشرة معها في عدة ملفات، وأن كلّ ما جرى يأتي بالتزامن مع إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قراراً في 19 ديسمبر الجاري: "انسحاب القوات الأمريكية من سورية"، كما استأنفت إسرائيل قصف مواقع تقول: إنّها إيرانية في سورية، بعد توقّفٍ دام حوالي شهرين، حيث جرى خلالهما تزويد روسيا نظام الأسد منظومة الدفاع الجوي المتطوّرة إس 300، التي لم يتم استعمالها وفق وسائل إعلام إيرانية، مما يفتح دائرة الشك، وتبني كل المقاربات التآمرية ضد إيران.
وسوم: العدد 812