شر البلية ما يضحك
العهر السياسي ثوب ارتدته واشنطن وتزينت به منذ سنين طويلة بعد أن أصبحت القطب الأوحد إثر انهيار الاتحاد السوفيتي غير المأسوف عليه، فقد خاضت حربين دمرت فيهما بلدين مسلمين بالاعتماد على كذب صريح وتلفيق تهم لا أساس لها من الصحة لكل من أفغانستان والعراق، وجعلت منهما دولتين فاشلتين فقيرتين تستجديان رغيف الخبز وشربة الماء رُغم ما تكتنز أرضهما من ثروات، وسلطت عليهما عصابة من الفاسدين الذين نفذوا مخططات واشنطن بكل حرفية، بل وراحوا بعيداً في ذبح البلدين من الوريد إلى الوريد بشراً وبنية واقتصاداً ونهبا.
واشنطن العاهرة بامتياز كانت وراء الثورة المضادة التي دفعتها لإفشال ثورة شعوب الوطن العربي على حكامهم الطغاة في مصر وليبيا وسورية واليمن، ولا تزال تتماها في عهرها وتعرقل أي تسوية في كل من ليبيا وسورية واليمن، وكأن ما سال من شلالات دم لم ترو حقدها على العرب والمسلمين.
ومن سخرية الأقدار أن تسلم قيادة واشنطن والبيت الأسود مهرج أفاك اسمه ترامب بدعم روسي لانتخابه، وقد شهد العالم اعترافات محاميه أمام الكونجرس الأمريكي بأن ترامب ما كان له أن يصل إلى سدة الحكم لولا الدعم الإلكتروني الروسي.
ترامب هذا هلل للسيسي لأنه انقض على الحكم في مصر بعد الإطاحة بالرئيس الشرعي للبلاد الذي فاز عبر صناديق الاقتراع لأول مرة في مصر منذ عهد الفراعنة الدكتور محمد مرسي، فرج الله عنه وعن إخوانه الذين ملأوا سجون مصر الرعيبة، ويذوقون فيها أقسى أنواع العذاب والتنكيل، إضافة إلى عشرات المعتقلين الذين حكم عليهم بالإعدام في تهم كاذبة وادعاءات باطلة ملفقة.
المضحك أن عاهر البيت الأسود ترامب يعترض على اعتراض حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا على انتخابات محلية تركية "وهذا أمر غريب وفريد أن يعترض حزب حاكم على نتائج انتخابات كان ضحية لعمليات تزوير مفضوحة ومكشوفة قام بها حزب معارض"، يعترض هذا العاهر على إعادة فرز الأصوات في إسطنبول، التي كانت متقاربة جدا، ومن المحتمل تغير النتيجة لصالح حزب العدالة والتنمية، وقد يضطر الطرف الآخر للسكوت على ذلك خوفا من فضيحة أكبر ومحاكمات. نعم ما حصل مفاجئ جدا وربما محرج للحزب الحاكم الذي كان من المفترض أن تكون المراقبة شديدة لمنع أي عمليات تزوير قد تقع.
التدخلات الخارجية في انتخابات أي بلد ليست بدعة جديدة فهي حاصلة منذ زمن بعيد وخاصة في السنوات الأخيرة، فقد حصلت عدة تدخلات خارجية في انتخابات دول كبرى "كما قلنا" ففي أميركا لا زال التحقيق جاريا في تدخل روسي في الانتخابات الرئاسية وهناك أدلة قوية على ذلك. حصل ذلك أيضا "تدخل روسي" في بريطانيا "في تصويت البريكسيت" وألمانيا "الانتخابات"، وساءت العلاقات بين هذه الدول وروسيا.
نتمنى على الشعوب العربية والإسلامية أن تصحو من غفلتها وتستيقظ من رقدتها وتقف وقفة مشرفة شجاعة في وجه كل من تسول له نفسه العبث بمصالح بلادها وأمنها واستقرارها، سواء كان ذلك داخلياً من ضعاف النفوس، أو خارجياً من البغاة وتجار العهر السياسي.
وسوم: العدد 819