التآمر على أردوغان من انقلاب عسكري إلى انقلاب مالي إلى انقلاب انتخابي
استرعى انتباهي مقال نشر على الموقع الذي يصفه أصحابه بالأول في بلادنا تحت عنوان : "لماذا خسرحزب أردوغان بلديات كبرى في الانتخابات المحلية ".
والمتتبع لكل ما ينشر على هذا الموقع منذ وصول حزب أردوغان إلى السلطة يلاحظ استهدافه بشكل واضح ، الشيء الذي يجعلنا نتساءل عن السر وراء ذلك ؟ لأن الذئاب لا تعوي لوجه الله تعالى كما يقول المثل العامي عندنا .
ومن المعلوم أن الرئيس التركي وحزبه ذو التوجه الإسلامي يعتبران غصة في حلق العلمانية الغربية منذ أول يوم وصل فيه هذا الحزب إلى مركز صنع القرار في تركيا . ومعلوم أيضا أن الغرب لم ينس تاريخ هذا البلد الإسلامي ، ولم ينس الخلافة العثمانية ،وما كان بينه وبينها من حروب . ولقد كان نجاح حزب العدالة والتنمية التركي في الانتخابات نذير شؤم بالنسبة للغرب بعد سقوط الخلافة العثمانية وما أعقبها من أحداث كان دائما وراءها الغرب الذي لم يهدأ له بال حتى حولها من بلد مسلم إلى بلد علماني . ومن المؤكد أن نجاح هذا الحزب في بلد علمنه الغرب ، بات يؤرقه لأنه يخشى أسلمته من جديد ، وعودته إلى ما كان عليه في فترة الخلافة العثمانية الزاهية ، ولهذا يثير خصوم أردوغان في الغرب وفي بعض بلاد يعرب أيضا بين الحين والآخر موضوع حنينه للعودة إلى عز تلك الخلافة المشئومة بالنسبة لهم .
وما أظن المقصود بما يسميه الغرب " الإسلام السياسي " سوى تجربة حزب أردوغان التي يخشى هذا الغرب أن تعم بلاد يعرب الغنية بالثروات ،والتي يعول عليها للحفاظ على رفاهية .
وتبذل بعض الأنظمة العربية أموالا طائلة لإفشال التجربة الأردوغانية التي يعتبرونها نذير شؤم بالنسبة لهم . ومما يصرف لهذا الغرض ما تحصل عليه بعض وسائل الإعلام المأجورة مقابل الحملات الإعلامية للنيل من أردوغان وحزبه .
ولقد تعرض أردوغان لمحاولة اغتيال عن طريق انقلاب عسكري أفشله الشعب التركي ، والذي يقف وراءه الغرب بزعامة الولايات المتحدة البلد المحتضن لمن كان وراء محاولة الانقلاب . وبعد محاولة الانقلاب العسكري التي أحبطها الشعب التركي ، دبر الغرب محاولة انقلاب مالي للنيل من الاقتصاد التركي الصاعد ، وذلك لخلق وضع اقتصادي سيء يفضي في النهاية إلى إسقاط حكومة حزب العدالة والتنمية ، ولا شك أنه من تداعيات هذا الانقلاب المالي خسارته في الانتخابات المحلية بأكبر مدينتين كانت ساكنتهما تدعمه من قبل بسبب الثقة في سياسته المالية التي نأت بالبلاد عن غلبة الديون ، وعن قهر صندوق النقد الدولي.
وليس من قبيل الصدفة أن تتم جريمة اغتيال الصحفي السعودي فوق التراب التركي داخل القنصلية السعودية ، وكان بإمكانه أن يصفي ملف قرانه بالمواطنة التركية في سفارة أو قنصلية بلاده في الولايات المتحدة التي يعيش فيها ، ولكن لأمر ما جدع قصير أنفه كما يقول المثل العربي، لأن اغتياله في تركيا كان مؤامرة استهدفت أردوغان لممارسة الضغوط عليه ، وقد مورست بالفعل ،ولا شك أنها أفضت إلى صفقات ما خفي منها وما ظهر ، والمستفيد الأول هو الولايات المتحدة وحليفها في منطقة الشرق الأوسط الكيان الصهيوني المحتل الذي عبّد له الطريق لتمرير ما يسمى بصفقة القرن المشئومة ،والتي هي حلقة من حلقات وعد بلفور المشئوم .
ولن يهدأ للغرب بال حتى يتخلص من أردوغان وحزبه بطريقة أو أخرى ، وقد جرب أسلوب الانقلاب العسكري ، وأسلوب الانقلاب المالي ، وها هو يجرب أسلوب الانقلاب الانتخابي ، فضلا عن أساليب أخرى في منتهى المكر والخبث تتجلى في دعم الأكراد الانفصاليين لجره إلى مستنقع حرب مستنزفة تزامنا مع تداعيات المؤامرة المالية التي بدأت تؤتي أكلها بعد محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة.
والمتتبع لما يحاك من مؤامرات في بعض البلاد العربية كاليمن وليبيا والسودان والجزائر ، والبقية ستأتي ، والتي تمول بأموال ثروات عربية يفهم جيدا لماذا يستهدف أردوغان ، إنه الإسوة السيئة بالنسبة للغرب وبالنسبة لبعض الأنظمة العربية الشمولية والفاسدة المتورطة في مؤامرة تمرير صفقة القرن المشئومة ، والتي من أجلها تحاك تلك المؤامرات المكشوفة الصارخة .
ومعلوم أن الربيع العربي في الوطن العربي خلق رهان الشعوب العربية على الإسلام ، وهو ما جعلها ترى في تجربة أردوغان وحزبه نموذجا يحتذى، الشيء الذي أثار حفيظة الغرب وأذنابه في الوطن العربي ، فاتفقوا على صرف هذه الشعوب عن رهانها على هذا الدين ، وذلك من خلال استهداف تجربة أردوغان ، وكل تجربة تحذو حذو تجربته .
ولهذا لا غرابة أن تتهافت وسائل الإعلام المستأجرة التي تستفيد من ريع الذين يقلقهم أردوغان على النيل منه والشماتة به .
ونتحدى الذين أثاروا ا موضوع خسارة أردوغان في الانتخابات أن يثيروا موضوع فوز نتياهو في الانتخابات ويميطوا النقاب عن خلفيته دون موافقة الجهات التي تمولهم .
وسوم: العدد 819