ما مصيرُ أمّة ، رؤوسُها أذنابٌ ، لعَدوّها !؟
هذه فلسفة الشاعر، في التعامل ، مع الأفاعي الحقيقية ، وهي فلسفة صحيحة ، بشكل عامّ !
أمّا على المستوى البشري ، فالوضع يختلف :
فللرؤوس والأذناب ، هنا ، حالة مغايرة لحالة الأفاعي ، ومغايرة لطريقة التعامل معها! فرأسُ القوم ، هو راعيهم، المؤتمن عليهم : على أنفسهم ، وأهليهم ، وأموالهم ! فإذا كان ذنَباً ، لجهة ما : لشخص ، أو لقبيلة ، أو لقوّة خارجية .. فإنه يقود قومه ، إلى حيث تريد الجهة ، التي هو ذنَبٌ لها .. ويعاملهم ، بما تمليه عليه ، الجهة ذات السيادة عليه ! وفي هذا دمار للقوم : مادّياً ومعنوياً !
فإذا كان الشخص رأساً لقوم، ذنَباً لغيرهم، فبأيّة صفة يُقطع ، على ضوء فلسفة الشاعر؟
ولا بدّ من معرفة الحالات ، التي يكون المرء فيها رأساً ، وتلك التي يكون فيها ، ذنَباً !
أولاً : الرؤوس الأذناب !
قد يكون الشخص رأساً لقوم ، ثمّ يصبح ، لاحقاً ، ذنَباً ، لغيرهم ! وأمثلة ذلك كثيرة متنوّعة ، من صوَرها :
رأس لدولة ، يصير ذنَباً ، لدولة غيرها !
رأس لقبيلة ، أو عشيرة ، أو أسرة .. يصير ذنَباً ، لغيره !
رأس لحزب ، يصير ذنَباً ، لغيره !
رأس لمدينة ، يصير ذنَباً ، لغيره !
رأس لحيّ ، في مدينة ، يصير ذنَباً ، لغيره !
رأس لنقابة ، أو مؤسّسة اجتماعية .. يصير ذنَباً ، لغيره .. !
ثانياً الأذناب الرؤوس !
قد يكون الشخص ، في الأصل ، ذنَباً لجهة ، ثمّ يصير رأساً ، لغيرها ، كأن يكون :
ذنَباً لدولة ، تجعله رأساً لغيرها : لدولة ، أو لحزب ، أو لمؤسّسة محلّية ، أو دولية !
ذنَباً لشخص ، يجعله رأساً لغيره : لحزب ، أو لمؤسّسة ، أو لقبيلة ، أو لناد ، أو لمدينة.. !
كان رسول الله يعرف ، جيّداً ، معنى الزعامة على الناس ، ومعنى السيادة عليهم ! كان يولّي على الجيش ، أو السَريّة ، قائداً يختاره ! كما كان يؤمّر ، على المدينة ، حاكماً يختاره ! لكنه لم يكن يختار للقبيلة ، زعيماً ، أو رئيساً ؛ بل كانت القبائل ، تولّي عليها زعماءها ! وكان النبيّ يُقرّ هذه التولية ! وكان ، في بعض المناسبات ، يطلب من كلّ قبيلة ، أن تختار مَن يمثّلها ، ويكون ناطقاً باسمها! لأن القبيلة ، بما فيها ، من صلات القربى ، والمودّة ، والمعرفة .. كالجسد الواحد ؛ لو عُيّن له رأس ، من غيره ، فقد يلفظه ، أو يجد حرجاً ، في طاعته ، والالتزام بأوامره !
وسوم: العدد 820