خيارات طهران بعد فشل ظريف في مفاوضات نيويورك
عقب انتهاء زيارته إلى نيويورك يصرح ُ وزير الخارجية الإيراني “ظريف” بأن الانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية هو أحد الخيارات لإيران رداً على تشديد العقوبات الأمريكية، وفي مقابلة له مع التلفزيون الرسمي الإيراني قال: إذا لم تتخذ أوروبا خطوات جدية لتنفيذ المعاهدة النووية، فستنسحب إيران من تلك المعاهدة. وأضاف “ظريف” بالقول: مضى عام بأكمله وأوروبا حتى الآن، لم تتخذ خطوات عملية للوفاء بالتزاماتها التي وقعت عليها في المعاهدة النووية، وليس هناك وقت كثير أمامها لعمل ذلك. بموازاة ذلك قال اللواء “محمد باقري”، رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية: إنه إذا لم يعبر النفط الإيراني مضيق هرمز، فمن المؤكد أن نفط الدول الأخرى لن يعبر المضيق. وقال اللواء “باقري”، في إشارة إلى مرور البوارج العسكرية الأمريكية والسفن التجارية وناقلات النفط عبر المضيق: حتى الامس، أظهرت التقارير أن القوات الأمريكية استجابت بالكامل لأسئلة حرس الثورة المسؤولة عن تأمين مضيق هرمز، ولم يكن هناك أي دليل على حدوث تغيير في نهجها الحالي تجاه مضيق هرمز.
ولكن ماذا يعني التهديد الإيراني بالانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية في هذا الوقت، ونرى في الوقت نفسه وفي الأيام الماضية بعض السلطات الإيرانية تهدد بالانسحاب من المعاهدة النووية؟ معنى ذلك، أن زيارة وزير الخارجية الإيراني “ظريف” التي استغرقت يومين إلى نيويورك لم تؤت أكلها، وأنه فشل في اقتراح تبادل السجناء السياسيين، والذي توقع أن يكون هذا التبادل نقطة انطلاق للمحادثات السياسية بين طهران وواشنطن” والآن تم اللجوء إلى الخيار الثاني: وهو التهديد اللفظي. ولكن نتيجة هذا التهديد تبدو سلبية على الوضع الداخلي الإيراني فقد ارتفع سعر العملات الصعبة، في حين أن أسعار النفط في الأسواق الدولية آخذة في الانخفاض.
نرى أن إيران أظهرت مرونة في التفاوض بعد أن تم إعطاء السياسيين هناك الضوء الأخضر من جانب المرشد. ولكن مرة أخرى بعد أن فقدت الجمهورية خياراتها، فهي فعليا لا تملك الكثير للتفاوض عليه؛ فعلى سبيل المثال، بالنسبة لرفع نسبة تخصيب اليورانيوم كان لديها عشرة آلاف كيلوغرام من اليورانيوم، ولها في المنطقة أصدقاء ووكلاء وأذرع حيث بات جميعها يعاني من شبح الانهيار بفعل توقّف الدعم المالي الإيراني، وكانت طاقة تصدير النفط الإيراني أكثر من مليوني برميل نفط في اليوم، حيث كان يمكنها تحسين وضعها في المفاوضات من خلال هذه المكتسبات والركائز التي كانت تملكها، ولكن الآن انخفضت صادرات النفط الايرانية الى مستويات غير مسبوقة، وهي مرشحة للمزيد، ومن ناحية أخرى، فإن التهديد بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي لن يشكل تهديدًا فوريًا للعالم؛ لأن ايران لم تعد تملك شيئا تفاوض عليه. فما هي الإستراتيجية الإيرانية الحالية لمواجهة الحكومة الأمريكية؟ إنهم يتخيلون أنه يتعين عليهم الآن اللجوء إلى التهديدات، بعد أن حمل ظريف غصن الزيتون وأخذه معه إلى نيويورك، ولكنه فشل في إيجاد فرصة لقبول مبادرته لذلك لجأوا الى التهديد. وتحاول إيران التوسل بالتهديد من خلال أمرين: الأول التهديد بالانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، التي وافقت إيران عليها منذ 50 عامًا، والتهديد الثاني هو أنها ستغلق مضيق هرمز، والذي يعتبر انتحاراً اقتصادياً، لأن إيران تستورد من هذا المضيق، والعالم كله سيواجه إيران بإمكانياته الدفاعية فيما لو قامت إيران باللجوء إلى خيار إغلاق مضيق هرمز،والذي يعتبر مستحيلاً من الناحية الفعلية، ولا تملك إمكانات سوى إعاقة حركة المضيق، هذا إلى جانب أنها سوف تستفز العالم ضدّها وسوف يتشكل ائتلاف كبير ضدها حيث لا قبل لها بهذا التكتل المضاد. ولهذا السبب لا يمكن أن يكون خيار إغلاق المضيق ضمن الخيارات القابلة للتنفيذ.
والخيار الثاني: هو الخروج من “إن بي تي” الذي يحظى بقبول الأوروبيين. ولكن بالنظر إلى أن إيران ليس لديها مخزون من اليورانيوم فإن الإجراءات اللاحقة لخروجها من “إن بي تي” يمكن أن تشكل ردة فعل ضدها. فلو قامت بطرد المفتشين الدوليين التابعين لوكالة الطاقة النووية الدولية، أو أن تعلن على ظهور الأشهاد أنها ترغب ببدء تخصيب اليورانيوم، علما أنها تحتاج إلى مدة تقدر بستة أشهر على الأقل كي تتمكن من أن تكون في وضع يؤهلها لذلك، ومدة الستة أشهر هذه مدة طويلة قد يحدث خلالها لإيران ما لا يحمد عقباه.
وسوم: العدد 822