ظريف: إيران تحمل درجة الدكتوراة في تجاوز العقوبات
ترتفع وتيرة التصعيد يومياً بين إيران وأميركا في أعقاب خروج واشنطن من الاتفاق النووي، فضلًا عن فرضها حزمتين من العقوبات أعقبها إلغاء الإعفاءات من عقوباتها ضدّ إيران والتي منحتها لـ 8 دول رئيسية في استيرادها للنفط من إيران، فضلًا عن فرض عقوبات نووية جديدة على إيران ظهر الأمس؛ كل ذلك يستهدف “تضيق الخناق الاقتصادي” على طهران لإجبارها في الجلوس على طاولة المفاوضات كهدف من ضمن الأهداف، فضلًا عن تغيير “سلوكها الإقليمي”، وفي ظلّ هذه الخطوات الأميركية جاء ردّ إيران “المعتاد” بالتهديد بإغلاق مضيق هرمز؛ إذ صرّح رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد حسين باقري، أنّه لن يعبر أي نفط من مضيق هرمز طالما لم يعبر منه نفط إيران.
واللافت عناد إيران المثير للسخرية، فها هو وزير الخارجية ظريف الذي يستجدي الحوار مع واشنطن يخرج علينا عبر الإعلام الإيراني ويقول: إن إيران لديها دكتوراه في الالتفاف على العقوبات، وفي الوقت نفسه أطلق غيره من المسؤولين تصريحات أكدوا فيها على قدرة الاقتصاد الإيراني في تحمّل العقوبات الدولية خلال الأعوام الماضية، وتجاوزه للأزمات التي مرَّ بها من خلال الإدارة الصحيحة للحكومة الإيرانية، ووجود استراتيجيات جديدة لبيع النفط والغاز الإيراني.
اللافت أن الإعلام الإيراني بدأ يهاجم الدول الأوروبية بشكل كبير متحدثاً عن مؤامرة تحيكها هذه الدول؛ تستهدف جرِّ إيران لتوقيع اتفاق نووي آخر يشمل برنامجها الصاروخي، والضغط على روسيا والصين لمنع بيع طهران “الأجهزة الحساسة”، وفرض عقبات كبيرة على الأمر، فضلا عن تجاهل العقوبات الأميركية وعدم الوفاء بالوعود بمواجهتها.
لكن ما الذي يجري في إيران اليوم؟
يقول نائب وزير النفط: إن إيران ستستخدم جميع إمكانياتها لبيع النفط في السوق الرمادية، وأضاف بأن بيع النفط في السوق الرمادية لا يعني التهريب، بل هو طريقة للتعامل مع العقوبات، وقد شاعت تسريبات إعلامية بنّية الحكومة القيام بتقنين البنزين على شكل حصص وكوبونات، وعلى أثر ذلك هرع المواطنون بعشرات الآلاف نحو محطات البنزين للحصول على كميات من المحروقات، ولكن الدولة سرعان ما نفت الخبر وأعلنت أن تاريخ إجراء هذا المشروع لم يحدد بعد. لكن وزير الداخلية رحماني فضلي أكد أن تنفيذ هذه الخطة أمر مفروغ منه إضافة إلى إعادة النظر بسعر المحروقات وناشد المواطنين أن يتعاونوا مع الحكومة. أما الناطق باسم اللجنة الرئاسية للبرلمان أن موضوع تقنين البنزين قد تمّ تأجيله الآن. وقال السيد بهروز نعمتي في أثناء الجلسة العلنية: إنه من المقرر أن تقوم الحكومة والمجلس بمناقشة موضوع تقنين البنزين للوصول إلى حل من الحلول. وكانت بعض وسائل الإعلام الداخلية قد أعلنت في الأسبوع الماضي عن خطة لتقنين البنزين، وقد أدى هذا الخبر إلى تشكل طوابير طويلة أمام محطات البنزين في نقاط إيران المختلفة،
والقرار النهائي بخصوص تقنين البنزين هو من اختصاص رؤساء السلطات. وقال رئيس لجنة الموازنة والتخطيط في المجلس: إن حسن روحاني، وعلي لاريجاني وإبراهيم رئيسي كرؤساء للقوى الثلاث، يجب عليهم اتخاذ قرارا بشأن تنفيذ خطة تقنين البنزين المراد تنفيذها.
إن متوسط الاستهلاك اليومي للبنزين90لترا في اليوم، وهذا في الواقع أمر غير مقبول، لا من وجهة نظر اقتصادية، ولا بيئية ولا من وجهة نظر السلامة العامة للناس. ولابد من إعادة النظر بأسعار البنزين. وبالطبع، يجب أن يكون نوع العرض الذي كان دائمًا موضوع النقاش الذي تم التنبؤ به العام الماضي في قانون الموازنة أيضًا. وهذا العام أيضًا، الاستعدادات لهذا العمل جارية على قدم وساق وبشكل جيد وعلى أساس دراسات الخبراء التي يجري تنفيذها، ولكن لم يتم حتى الآن، الإعلان عن السعر الجديد وعن تاريخ بدئ التنفيذ... كل هذه التطورات تشي بعمق الأزمة الاقتصادية التي باتت تواجهها إيران.
وفي سياق متصل ارتفعت أسعار سوق الصرف الأجنبي مرة أخرى اليوم، حيث ارتفع سعر الدولار بمقدار 550 تومانا ليصل سعر الدولار إلى 15000 تومان. كما ارتفع سعر اليورو في السوق غير الرسمي إلى حوالي 17000 تومانا. ووفقًا للإعلام الإيراني اليوم فقد تم تحديد سعر الدولار عند 14700 دولارًا صباحًا تعتقد أن هذه الزيادة في سعر الصرف في إيران ليست سوى انعكاس لآثار انهاء الإعفاء الأمريكي لعملاء النفط الإيرانيين، والتي تعد عاملاً أساسيًا في ارتفاع الأسعار المختلفة في إيران، والتي أدت الآن إلى التضخم، وكذلك على صعيد سوق العملات، حدث أيضًا خاصة في فائض السيولة في الاقتصاد الإيراني.
فما يجري هو نتيجة طبيعية للعقوبات، وعدم قدرة إيران على الوصول إلى الدولار بسبب العقوبات المفروضة على صادرات النفط، ونرى أن العقوبات مستمرة، حيث كانت السياسة الجديدة للبنك المركزي هي الحد من الاحتياجات، وتشديد الاجراءات الأمنية من قبل القضاء؛ وتمّت السيطرة على الوضع لمدة تتراوح بين أربعة إلى خمسة أشهر لكن الأمور بدأت بالانفلات، فمتوسط سعر الصرف اليوم هو نفسه تقريبًا لم يتغير عن الشهر الماضي. في الأسبوع الماضي كان هناك زيادة قدرها 1000 تومانا في سعر العملة، وهذا بسبب الحديث عن الإعفاءات وإلغاء الإعفاءات، والشيء الآخر الذي حدث في الممارسة العملية هو أن الصرافة والأسواق الموازية للعملة تعرّضت إلى موجة جديدة من المعاملة، مما جعل من الصعب تحويل العملات الأجنبية إلى إيران، وفي الواقع، إن معاملات الصرف التي تشكل جزءًا كبيرًا من التبادلات التجارية الإيرانية واجهت مشكلة، حيث تبين مجموعة هذه العوامل؛ أن سعر العملة يتقلب على المدى القصير، ولكن الاتجاه سيكون بالزيادة.
والتقارير الاقتصادية المنشورة في الإعلام الإيراني تدقّ جرس الإنذار خشية من انفلات الأمور، وخروجها عن السيطرة في أية لحظة، محذرة حكومة روحاني أن أيامها باتت معدودة تحت وطأة الظروف الاقتصادية، ومكابرة النظام.
وسوم: العدد 823