ستظل إيران عدونا الأول ولن تنطلي علينا أكاذيبها

كانت جماعة الإخوان المسلمين الأم في مصر من أول المرحبين بالثورة الإيرانية عام 1979 ومن أشد الداعمين لتشكيل نظام الجمهورية الإسلامية على يد روح الله خميني.

القيادي الإخواني المصري يوسف ندى، ذكر في مقابلة مع قناة الجزيرة، أن الإخوان شكلوا وفداً لزيارة الخميني عندما كان في المنفى في باريس لدعمه، وأن ثالث طائرة تهبط لإيران بعد طائرة الخميني بعد الثورة هي طائرة وفد الإخوان الذي قدم لإيران لتهنئة الخميني، (وكان يضم عدداً من الإخوان غير المصريين ومن بينهم جماعة إخوان سورية التي كانت تتعرض للتنكيل والملاحقة من قبل النظام السوري).

(وقد تحدث إليّ أحد قياديي الجماعة السورية أن الخميني تعاطف معنا لدرجة أنه وصف النصيريين بأنهم كفار عند المذهب الجعفري، ووعد الإخوان السوريين بأنه سيصدر لهم جوازات سفر إيرانية، وسوف يساعد السوريين ضد حافظ الأسد، لكن وعوده كلها كانت ضحكاً على الذقون، إذ إنه عكس ذلك أيد الأسد وأصدر فتوى باعتبار النصيرية فرقة من المذهب الجعفري التي ينتمي إليها الرئيس حافظ الأسد، وأغدق عليه الأموال والمساعدات).

وهذا الاعتراف وهذه المساعدات شجع حافظ الأسد ليوغل في دماء السوريين وينصب لهم المجازر البشعة التي راح ضحيتها الآلاف، وتوج تلك المجازر بمجزرة العصر (2 شباط 1982) في حينها، حيث أقدم على تدمير مدينة حماة وقتل ما يزيد على أربعين ألف من سكانها وتهجير نحو مئتي ألف منها هاموا على وجوههم داخل سورية وخارجها.

وعندما نشبت الحرب بين العراق وإيران وقف الأسد إلى جانب إيران ومد يد العون لها في عدوانها على العراق الذي استمر نحو ثماني سنوات، حرم فيها الشعب السوري من رغيف الخبز والمواد التموينية وراح يغدق بها إلى إيران المحاصرة من معظم دول العالم لعدم قبولها وقف العدوان على العراق.

كذلك عندما شنت الولايات المتحدة عدوانها على العراق بما سمي (عاصفة الصحراء) أرسل حافظ الأسد جنوده ليقاتلوا تحت الراية الأمريكية ضد الشقيقة العراق.

وعندما انطلقت ثورة الربيع العربي في سورية كان لإيران موقفاً متميزاً في دعم بشار الأسد عسكرياً ومادياً، ومشاركة فعلية في التصدي للثوار عبر حرسها الثوري وميليشياتها المتعددة المشارب والانتماءات التي جندتها من العديد من دول العالم، وفي مقدمتها ميليشيا حزب الله الذي دلّس على العرب والمسلمين لعقود، مدعياً أن مهمته قتال الصهاينة، لنكتشف أن تحرير فلسطين عنده لابد أن يمر عبر حلب والقلمون والغوطة الغربية ودرعا، ولا تزال إيران وميليشياتها وبعد ثماني سنوات من انطلاق الثورة السورية تقاتل إلى جانب النظام الباغي للحيلولة دون سقوط الأسد الصغير.

والآن وبينما يتجه الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتصنيف جماعة الإخوان كمنظمة إرهابية عالمية على غرار الحرس الثوري الإيراني، نرى إيران تقف إلى جانب الجماعة، فقد أعلن وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، إن "الولايات المتحدة ليست في وضع يؤهلها بأن تبدأ في تصنيف الآخرين كمنظمات إرهابية، ونحن نرفض أي محاولة أميركية فيما يتعلق بهذا الأمر".

في حين أدلى وزير المخابرات الإيرانية في نفس التوقيت كلاماً يناقض ما قاله جواد ظريف، فقد أدلى بتصريحات لافته وخطيره في ملتقى "الإرهاب والتطرف والأمن الإقليمي غرب آسيا" الذي أقيم في مكتب الدراسات السياسية والدولية في وزارة الخارجية الإيرانية قبل أيام، حيث أكد وزير المخابرات الإيراني بشكل قاطع إلى "أن جذور التطرف الديني في الإسلام تعود إلى الإخوان المسلمين في مصر، وتفريخاتها في المنطقة".

وعندما التقى آية الله محسن أراكي في تموز/يوليو 2017، مستشار المرشد الإيراني، بنائب رئيس حركة الاخوان المسلمين في مصر إبراهيم منير والعضو البارز فيها جمال بدوي، مؤكداً على تنمية التعاون العلمي بين الحوزات الدينية الشيعية والسنية، بحسب وكالة "فارس"؛ أثار هذا اللقاء حفيظة جماعة الإخوان المسلمين السورية التي انتقدت لقاء منير بأراكي ومشاركته في مؤتمر " الوحدة الإسلامية" في لندن والذي نظمته منظمة إيرانية يرأسها أراكي، وصفته بأنه "خيانة لدم الشهداء الذي أهرقته الميليشيات الإيرانية".

هذا التذبذب الفاقع والصريح الذي تتبناه إيران في علاقتها مع جماعة الإخوان المسلمين يؤكد على عدوانية هذه الدولة المارقة تجاه جماعة الإخوان المسلمين، وما وقوفها إلى جانب نمرود الشام في مواجهة الثورة السورية ومشاركتها في ذبح الأطفال والنساء والشيوخ السوريين إلا الدليل على حقدها تجاه المسلمين والعرب، وإننا لن ننخدع بما تحاول أن تسوقه من وقوفها إلى جانب الجماعة في مواجهة نوايا ترامب لتصنيف الجماعة بالجماعة الإرهابية، وستظل إيران في ذاكرة السوريين العدو الأول حتى يسقط رجلها السفاح بشار الأسد، ويتم سوق كل القادة المجرمين الذين تلوثت أيديهم بدماء السوريين إلى محاكم مجرمي الحرب في لاهاي.

وسوم: العدد 823