تفجيرات السفن قرب الإمارات .. من الفاعل ؟! وما المآلات ؟!

في متوالية دراماتيكية تلاحقت قرب سواحل الإمارات تفجيرات أربع سفن يوم الأحد  . وتسابقت التكهنات وتنوعت عن الفاعل والأهداف والمآلات . بعضها اتهم أميركا وإسرائيل ، وربط بين التهمة وبين دفع أميركا بعدد من طائرات ب 54 العملاقة إلى المنطقة ، وتوجه حاملة الطائرات الأميركية أبراهام لنكولن إلى الخليج ربما بنية الاشتباك مع إيران . كل ما قيل يظل تكهنات ، أما الحقيقة المؤكدة فلا شك في أن وراء هذه التفجيرات قوة كبيرة ، امتلكت القدرة والسرية على تفجير أربع سفن ، منها سفينتان سعوديتان ،  والأحداث تتلاحق ، وردود الأفعال تتدافع ، والتسرع في الحكم على ما حدث ومآلاته يوقع في الخطأ . وكل ما سيأتي في شأنه تاليا سيأتي بإشارات وإضاءات تسهل الحكم عليه ، وتقدير تلك المآلات . والمقطوع به منطقا أن من قام بالتفجيرات يريد كل الشر بالإمارات وبلاد الحرمين وبقية دول الخليج وإيران والمنطقة كاملة . والأولى بهذه الإرادة هما اميركا وإسرائيل ، أيا كان وضوح أو غموض صلتهما بهذه التفجيرات ، ودائما لا تنكشف خلفيات الأحداث الشريرة بسرعة . ونستبعد أن تكون إيران وراء هذه التفجيرات ، فالقيادة الإيرانية أعقل وأبعد نظرا من أن تقوم بها ، إذن ينصب الترجيح على أميركا وإسرائيل ، فهما صاحبتا المصلحة ، مثلما قلنا ، في أي  شر يصيب العرب والمسلمين . وقد تلصقان التهمة بإيران لتبرير العدوان عليها ، وإشراك دول الخليج فيه . وتاريخ أميركا فيه أحداث لفقتها أو هيأتها لتدخل بعدها حروبا عدوانية . ونستعرض بإيجاز الأحداث التالية :

أولا : اتهمت أسبانيا في 1898 بأنها أحرقت سفينة أميركية في مياه كوبا ، وأرسلت قواتها إليها ، وهزمت القوات الأسبانية فيها ، وطردتها منها ، وجعلتها في مدار نفوذها . واعترفت مصادر أميركية في ما بعد بأن أميركا دبرت حرق سفينتها لتبرير محاربة أسبانيا وطردها من كوبا .

ثانيا : كانت أميركا على علم سابق بنية اليابان لمهاجمة قاعدتها البحرية في ميناء بيرل هاربر بجزيرة هاواي في المحيط الهادىء ، في  ديسمبر 1941، ولم تبادر لفعل ما يئد الهجوم الياباني قبل وقوعه لتبرر دخولها الحرب العالمية الثانية ضد اليابان وحليفتها ألمانيا .

ثالثا : استغلت حادثة ضرب غواصة ألمانية للسفينة البريطانية لويزيتانيا التي كان من بين ركابها 118 أميركيا ، والسفينة فيجيلانتيا لدخول الحرب العالمية الأولى في أبريل 1917.

رابعا : لفقت للعراق تهمة حيازة أسلحة دمار شامل ، اعترفت تاليا بكذبها ، وغزته في 2003 .

هي دولة الغاية  تبرر الوسيلة في أبشع وأحط تطبيقاتها ،وإسرائيل تشاركها في هذا النهج ، وأهداف الدولتين ، مثلما تؤمنان ، لا يمكن بلوغها إلا بتدمير الآخرين . والمأساة الكبيرة أن العالم العربي هو الساحة المباحة لهذه التطبيقات ، ولنتفحص هول دلالة قول ترامب إن حصوله على 450 مليار دولار من النظام السعودي ثمن أسلحة وقيمة استثمارات في أميركا كان أسهل من تحصيله 123 دولارا من مستأجر لأحد عقاراته .

وحدوث تفجيرات السفن قرب مياه الإمارات يبرهن هشاشة وصورية هذه الدولة أو الدويلة التي عبرت كل حدود العقل والمألوف في التوهم بأنها يمكن أن تتصرف كدولة عظمى تتدخل في أحداث البلدان العربية بمرتزقتها ، وهي في هذه التدخلات ليست سوى واجهة قبيحة مصطنعة لقوى التدخل الحقيقي ، أميركا وإسرائيل . أما النظام السعودي فسدر في غيه وضلاله في حرب حمقاء رعناء عدوانية في اليمن ، ولو كان لدى قيادته أقل قدر من الحكمة لما هوى في فخ هذه الحرب غير الأخلاقية على شعب شقيق ، تكلفه يوميا 200 مليون دولار ، وهي الآن في عامها الخامس . تفجيرات السفن  قد تكون شعلة تفجير حرب في المنطقة مربحة لأميركا وإسرائيل ، ومخسرة مهلكة للعرب والمسلمين .

وسوم: العدد 824