في الاجتماع الأمني الثلاثي في قدسنا المحتلة، أمن الكيان الأسدي موضع إجماع بين ثلاثي الشر

موقفنا :

قليلا ما تم على المستوى الدولي أو الإقليمي الإعلان عن مؤتمر أمني خطير بهذا الشكل السافر ، أو إذا شئتم الدقة اللغوية الوقح واللامبالي ، والمستهتر " بالدولة السورية" ومن يحكمها .

ثلاثة من رجال المخابرات ، وليس من رجال السياسة " أمريكي - روسي - صهيوني" يجتمعون لتقرير مصير سورية الدولة بعناصرها : الإنسان والأرض والدستور أو القانون العام وقواعد النظام . يقررون ومن يغيّب ومن يحضر ، ومن يُدعم ومن يقتل أو يهجر ..!!

أخطر ما في هذا اللقاء المؤتمر أو المؤامرة هو ما لا نعرفه مما تم فيه . ما لا نعرفه لا أنا ولا أنتم ولا كل من حولنا من ساسة ومنظرين ومحللين . بما في ذلك أعداؤنا الإيراني و الأسدي .

 إذن الأخطر في هذا المؤتمر المؤامرة المستعلنة بلا حياء ولا خجل ، مما تم رسمه والتوافق عليه بشأن سورية المستقبل ، ما لا نعرفه ، ولا سبيل لنا إلى معرفته ، والذي يتكفل الروسي والأمريكي بإخفائه عن كل من في الساحة من قريب وبعيد وأبعد ، وفهمكم كفاية ..

والأوقح في هذا المؤتمر مما تم التوافق عليه ، أن بشار الأسد بشخصه وبنظامه ، وبكل خلفياته : جرائم الحرب - الاستبداد - الفساد - الطائفية كان نقطة لقاء تجمع عليه رؤوس الشر الثلاثة ، فالكل متمسك به ، حريص عليه ، مستعد أن يخوض حروبا لضمان أمنه ومستقبله .

فأمنه كما يقول سكرتير مجلس الأمن الروسي " نيقولاي باتروشيف " هو أمن إسرائيل . عبارة قالها ابن خال الرئيس من قبل فتنصلوا منها واليوم يعيدها مسئول الأمن الروسي فما عساهم قائلون ؟! " يقول باتروشيف " في مؤتمر الشر : " نريد تحقيق الأمن لإسرائيل ، لكن تحقيق هذا الهدف يتطلب استتاب الأمن في سورية " وطبعا تحصيل الحاصل أن الأمن في سورية لن يتحقق إلا بوجود بشار الأسد .

ربما يخطر ببالنا أن نتساءل : بماذا يشعر بشار الأسد حين يرى نفسه موضع إجماع وثقة الأشرار المجرمين على اختلاف طبقاتهم الأمريكي والروسي والصهيوني ؟!!

بل ربما من المفيد أن نتساءل : كيف يشعر ملالي طهران وملالي الضاحية الجنوبية حين يرون ويسمعون أن نتنياهو الصهيوني يتمسك بهذا الذي دافعوا عن ثقة نتنياهو طويلا ،ثم يرون أنفسهم شبه منبوذين؟! ويريدون مثل هاروت وماروت . يقول قاسم سليماني وحسن نصر الله كل واحد عن نفسه : ليت نتنياهو يعلم أنه أشد ولاء وحبا له من بشار الأسد !!

خلاصة الموقف : ولو علم الروسي والأمريكي والصهيوني رجلا أكثر شؤما على السوريين ، وأكثر نكالا عليه لاستبدلوه به في طرفة عين ولم يبالوا ..!!

ثم من العناوين الخطيرة التي تسربت من المؤتمر المؤامرة قول باتروشيف : " تم الاتفاق على معظم ما نريد أن نراه في سورية "

وكنت أرجو وآمل أن أراهم مختلفين ولكنهم كما هم دائما في شأننا يتفقون . ومنذ انطلقت هذه الثورة المباركة ومع أن الأمريكان والروس مختلفون على الكثير من الملفات حول العالم ؛ إلا أنهم ظلوا متفقين على كل ماجرى ويجري علينا . متفقون على ما جرى في مجلس الأمن ، وما جرى على الأرض ، ما جرى ويجري في السجون . الجولات الاستعراضية للمندوبين في مجلس الأمن لم تكن إلا أفلاما هوليودية يتقن ممثلوها أداءها . حتى الدموع التي ذرفها بعضهم وهم يشاهدون وثائق سيزر المبهجة الممتعة الجميلة المشبعة لرغبات الساديين حتى تلك الدموع كانت جزء من الخراج الهوليودي الجميل.

ومرة أخرى يؤكد المتحدث باسم الرئاسة الروسية " دميتري بيسكوف " ما قلته من التوافق على كثير من الأمور في سورية فيؤكد " التوصل لعدد من الاتفاقات الهامة بشأن سورية " .

أختصر عليكم ، هذه الاتفاقات الهامة هي التي ننتظر معرفتها ، وهي التي يجب أن نحذرها ونرتاب منها ..

يجب أن نحذر ونرتاب من منطق الصفقات ، تذكرون يوم خذلت الولايات المتحدة أهلنا في الجنوب ، في حوران وفي درعا وما حولها وأسلمتهم لقمة سائغة للروس وللإيرانيين ، ورأينا حينها الكثير من الأبطال يهجّرون ، وبعض الضفادع يقفزون من المركب ، وما نزال نرى حتى اليوم تبعات الخيانة " الأمريكية - الروسية " تنفذ على أهلنا هناك بسوق أبناء المنطقة لتجنيدهم قتلة مرغمين في صفوف الميليشيا مزدوجة الولاء : الأسدية - الصهيونية . أو الأصح الصهيونية - الأسدية , التي توافق ثلاثي الشر في لقائه بالقدس على ضمان أمنها لتضمن أمن بني صهيون وإلى الأبد كما يقولون ..

أذكركم بهذا لأقول إن تلك الخيانة إنما كانت نتيجة صفقة أمريكية خسيسة مع الميليشيا الإيرانية : أطيعونا أكثر وأكثر نسلمكم رقاب السوريين أكثر وأكثر ..

رغم كل ما تسمعون من ضجيج وعجيج وقعقعة وسلاح ودعاوى حرب وحصار وعقوبات يبقى هذا هو المنطق السائد : أطيعونا أكثر نقدم لكم قرابين من لحوم المسلمين والعرب والسوريين أكثر وأكثر وأكثر ..

الطمع الأمريكي لا حدود له ..واستعداد الملالي للخضوع لا حدود له . أحيانا تحدث إشكالات بسيطة بين الحميمين اللدودين تتمثل في : من سيخلع أولا ... تذكرون الحكاية . وترامب ينتظر وراء سماعة الهاتف ..!!

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 830