من اسطنبول إلى المنامة
عندما فتحت عيني هذال الصباح ( الإثنين 24.06.2019 ) ، سارعت إلى تناول أحد الأجهزة الإلكترونية القابعة إلى جانبي ، لأعرف منه نتيجة الإنتخابات البلدية لمدينة اسطنبول التركية ، وكم كان سروري كبيراً عندما قرأت أن مرشح المعارضة السيد ( كرم إمام أوغلو) قد فاز على مرشح السلطة السيد ( بن علي يلد يريم ) ، وبفارق كبير ، تجاوز الرقم السابق على الإعادة .إن سروري بهذه النتيجة ، لايعني إطلاقاً ، أنني أقف مع العلمانيين ضد الإسلاميين ( رغم أنني علماني ) ، وإنما يعني أنني مرتاح لموقف نظام حزب العدالة والتنمية الأخلاقي من هذه الإنتخابات ، حيث لاتزوير ولا تدوير ، ولا تلاعب بالنتائج ، الأمر الذي يعني أن قرار لجنة الإنتخابات بهذه الإعادة ، لم يكن من أجل إخفاء الحقيقة ، وإنما كان من أجل إزالة إلتباس شاب هذه الحقيقة في الإنتخابات الأولى ، وهو ماحصل في هذه الإعادة .
إن مايجعل المرء سعيداً اليوم ، هو أن الديموقراطية في تركيا ، البلد الإسلامي الجار ، ماتزال بخير ، وأن عدوى التزير والتدير واللعب بنتائج الإنتخابات ، في ملكيات وسلطنات وإمارات وجمهوريات الوطن العربي ( الجار) ، لم تنتقل بعد إلى تركيا ( والحمد لله ) . نتمنى لرئيس بلدية اسطنبول الجديد ، السيد أكرم إمام أوغلو التوفيق والنجاح في مهمته الجديدة .
فيما سمعته وقرأته ، أن الغرب بشقيه الأطلسيين ومعه الكيان الصهيوني ، قد فرحوا لنجاح مرشح المعارضة التركية " العلماني "، وفوزه على مرشح العدالة والتنمية "الإسلامي "، ولكن فرحتهم ليست مرتبطة – على مايبدو - بنجاح الديمقراطية في تركيا ، وإنما بنجاح شخص علماني ، يظنون ( وإن بعض الظن إثم ) أنه أقرب إلى فكرهم وحداثتهم وإسرائيلهم وحماية حدودهم المتاخمة لتركيا (بلغاريا خاصة) من مرشح حزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي قد أدمنت قياداته ، ومنهم السيد رجب طيب أردوغان ، (وهذا مع أسف الغرب الشديد ) على أداء صلاة الجمعة ، في مساجد اسطنبول .
2.
يبدو ان خماسي ( بنتاغون ) ترامب ، مصرون على عقد " ورشة المنامة " الإقتصادية ( بحسب تعبيرهم ) ،رغم غياب أصحاب العلاقة ( الفلسطينيون ) عن هذه " الورشة " ، ولقد سمعت السيد كوشنير يغرد ذات يوم ، بأنه ومن معه ، لايعبأون بموقف القيادة الفلسطينية من ورشة المنامة البحرينية ،سواء بالحضور أو الغيا ، ذلك أن الشعب الفلسطيني – حسب زعمه - يقف معهم (!!) ( الدولاريون) ، ومع ملياراتهم وليس مع قياداته الفلسطينية ذات الجيوب الخاوية على عروشها.
إن هذه القحة التي اتسم بها كلام كوشنير ، حول القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني ، إنما تشير – وفق رؤيتنا - ، إلى أحد أمرين : أما أن أبا مازن قد ابلغ ( من تحت الطاولة) ترامب وكوشنر ودافعي المليارات في ورشة المنامة ( المحمدان خاصة )، من أنه لايمكنه الوقوف في وجه الأكثرية الساحقة من الشعب الفلسطيني ، في كل من الضفة والقطاع ، والتي ( الأكثرية ) ترفض واقعياً هذه الورشة ، و تعتبر أن هدفها غير المعلن هو تصفية القضية الفلسطينية وإغلاقها ، وتسليم مفاتيحها إلى نتنياهو، وإما أن اقطاب المنامة ، ومنهم هذا الكوشنر، ومنهم صاحب " العظمة " ملك " الدولة المدينة " المسماة ب (البحرين) والتي لايزيد عدد سكانها عن حي واحد من أحياء مدينة لايبزغ الألمانية ، يتوهمون أنهم بمليارات بعض المشاركين في الورشة ، وبدبابات وطيارات البعض الآخر ، يمكنهم أن يجروا الشعب الفلسطيني إلى بيت الطاعة ، ( شاء من شاء وأبى من أبى ) .
لقد استمعت مرة أخرى قبل قليل إلى كوشنير ، الذي مايزال مصراً، على أن مؤتمره في المنامة ، سوف ينجح نجاحاً باهراً (!!)، بالرغم من غياب الفلسطينيين عنه ، لأن جميع " الدفيعة " قد وافقوا على الحضور ( حسب قوله ) . فيالها من وقاحة ، وياله من نجاح .
لقد مات العقل في عالمنا أيها الناس ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .
وسوم: العدد 830